رواة الخبر الذي زاد عليهم آخر حكما لم يروه غيره، وفي هذا التناقض من القبح ما لا يستجيزه ذوقهم وذو ورع، وذلك كتركهم قول الله تعالى: * (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا عائشة رضي الله عنها ولم يشاركها فيه أحد.
وهو: لا قطع إلا في ربع دينار فصاعدا، ويترك قوله تعالى في الآيات التي ذكر فيها المحرمات من النساء. ثم قال تعالى بعد ذكر من ذكر: * (وأحل لكم ما وراء ذلك فحرموا الجمع بين المرأة وعمتها، وليس ذلك مذكورا في آية التحريم، بل فيها إحلال كل ما لم يذكر في الآية، فتركوا ذلك لحديث انفرد به أبو هريرة وأبو سعيد وحدهما. وليس ذلك إجماعا، فإن عثمان البتي يبيح الجمع بين المرأة وعمتها، ثم يعترضون على حكم رواه عدل بأن عدلا آخر لم يرو تلك الزيادة، وأن فلانا انفرد بها.
قال علي: وهذا جهل شديد، وقد ترك أصحاب أبي حنيفة الزيادة التي روى مالك في حديث زكاة الفطر وهي: من المسلمين فقالوا: انفرد بها مالك. وترك أصحاب مالك الاستسعاء الذي رواه سعيد بن أبي عروبة، وقالوا: انفرد بها سعيد فكلا الطائفتين عابت ما فعلت، وأنكرت ما أتت به، مع أنه قد شورك من ذكرنا هاتين الزيادتين ولو انفردا بها ما ضر ذلك شيئا.
ولا فرق بين أن يروي العدل الراوي العدل حديثا، فلا يرويه أحد غيره، أو يرويه غيره مرسلا، أو يرويه ضعفاء، وبين أن يروي الراوي العدل لفظة زائدة لم يروها غيره من رواة الحديث، وكل ذلك سواء واجب قبوله بالبرهان الذي قدمناه في وجوب قبول خبر الواحد العدل الحافظ، وهذه الزيادة وهذا الاسناد هما خبر واحد عدل حافظ، ففرض قبولهما، ولا نبالي روى مثل ذلك غيرهما أو لم يروه سواهما، ومن خالفنا فقد دخل في باب ترك قبول الخبر الواحد ولحق بمن أتى ذلك من المعتزلة وتناقض في مذهبه، وانفراد العدل باللفظة كانفراده بالحديث كله، ولا فرق.
قال علي: فإن كانت اللفظة الزائدة ناقصة من المعنى، فالحكم للمعنى الزائد لا للفظة الزيادة، لان زيادة المعنى هو العموم، وهو الزيادة حينئذ على الحقيقة وهو الحكم الزائد والشرع الوارد والامر الحادث، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم