قال علي: ولا يقبل في التجريح قول أحد إلا حتى يبين وجه تحريمه، فإن قوما جرحوا آخرين بشرب الخمر، وإنما كانوا يشربون النبيذ المختلف فيه بتأويل منهم أخطؤوا فيه، ولم يعلموه حراما ولو علموه مكروها فضلا عن حرام ما أقدموا عليه ورعا وفضلا، منهم الأعمش وإبراهيم وغيرهما من الأئمة رضي الله عنهم، وهذا ليس جرحة لأنهم مجتهدون طلبوا الحق فأخطؤوه.
ولا يكون الجرح في نقلة الاخبار إلا بأحد أربعة أوجه لا خامس لها:
الاقدام على كبيرة قد صح عند المقدم عليها بالنص الثابت أنها كبيرة.
الثاني: الاقدام على ما يعتقد المرء حراما وإن كان مخطئا فيه قبل أن تقوم الحجة عليه بأنه مخطئ.
والثالث: المجاهرة بالصغائر التي صح عند المجاهر بها بالنص أنها حرام، وهذه الأوجه الثلاثة هي جرحه في نقلة الاخبار وفي الشهود، وفي جميع الشهادات في الاحكام وهذه صفات الفاسق بالنص وبإجماع من المخالفين لنا، وإنما أسقطنا المستتر بالصغائر للحديث الصحيح في الذي قبل امرأة فأخبره عليه السلام أن صلاته كفرت ذلك عنه ولقوله عز وجل: * (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم) * فمن غفر الله له فحرام علينا أن نثبت عليه ما قد غفر الله تعالى له.
وكذلك التائب من الكبائر ومن الكفر أيضا فهو عدل وليس هذا من باب ثبات الحد عليه في شئ لان الملامة ساقطة عن التائب، والحد عنه غير ساقط على حديث ماعز، فإن النبي صلى الله عليه وسلم رجمه بعد توبته وأمر بالاستغفار له ونهى عن سبه وإنما قلنا: إن المجاهرة بالصغائر جرحة للاجماع المتيقن على ذلك، والنص الوارد من الامر بإنكار المنكر، والصغائر من المنكر لان الله تعالى أنكرها وحرمها ونهى عنها، فمن أعلن بها فهو من أهل المنكر فقد استحق التغيير عليه بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الايمان ومن كان من أهل المنكر في الدين فهو فاسق لان المنكر فسق والفاسق لا يقبل خبره.
وصح بما قدمنا أن المستتر بالصغائر ليس صاحبه فاسقا ولا يجب التغيير