عليه، ولا الانكار عليه، لأنه لم ير منه ما يلزمنا فيه تغيير ولا إنكار ولا تعزير، ولو أن امرأ شهد على آخر بأنه يتستر بالصغائر لكانت شهادة الشاهد عليه بذلك مردودة وكان ملوما، ولم يجز أن يقدح ذلك في شهادة المستتر بها لوجهين:
أحدهما أنه لا ينجو أحد من ذنب صغير. والثاني أنه معفو عنه، ولو شهد على أحد أنه يستتر بكبيرة لقبلت شهادته عليه، ولردت شهادة المستتر بها لأنها ليست مغفورة إلا بالتوبة، أو برجوح الميزان عند الموازنة يوم القيامة.
قال علي: والوجه الرابع ينفرد به نقلة الاخبار دون الشهود في الاحكام وهو ألا يكون المحدث إلا فقيها فيما روى أي حافظا، لان النص الوارد في قبول نذارة النافر للتفقه إنما هو بشرط أن يتفقه في العلم، ومن لم يحفظ ما روى فلم يتفقه، وإذا لم يتفقه فليس ممن أمرنا بقبول نذارته، وليس ذلك في الشهادة، لان الشرط في الشهادة إنما هي العدالة فقط بنص القرآن، فلا يضر الشاهد أن يكون معروفا بالغفلة والغلط، ولا يسقط ذلك شهادته إلا أن تقوم بينة بأنه غلط في شهادة ما، فتسقط تلك التي غلط فيها فقط، ولا يضر ذلك شهادته في غيرها، لا قبل الشهادة ولا بعدها، بل هو مقبول أبدا، ولا يحل لاحد أن يزيد شرطا لم يأت به الله تعالى، فقد قال عليه السلام: كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل ولو كان مائة شرط.
فمن شرط في العدل في الشهادة خاصة أن يكون غير معروف بالغلط، فقد زاد شرطا ليس في كتاب الله عز وجل، فهو مبطل فيه والتدليس الذي ذكرنا أنه يسقط العدالة هو إحدى الكبائر، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: من غشنا فليس منا ولا غش في الاسلام أكبر من إسقاط الضعفاء من سند حديث ليوقع الناس في العمل به وهو غير صحيح، ولقوله عليه السلام: الدين النصيحة وواجب ذلك لله تعالى ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، ومن دلس التدليس الذي ذممنا، فلم ينصح لله تعالى ولا لرسوله عليه السلام في تبليغه عنهما، ولا نصح للمسلمين في التلبيس عليهم حتى يوقعهم فيما لا يجوز العمل به.
قال علي: وأما من قدم على ما يعتقده حلالا مما لم يقم عليه في تحريمه حجة،