فليس بصادق فيها، والذكر اسم واقع على كل ما أنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم من قرآن أو من سنة وحي يبين بها القرآن، وأيضا فإن الله تعالى يقول: * (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم) * فصح أنه عليه السلام مأمور ببيان القرآن للناس.
وفي القرآن مجمل كثير كالصلاة والزكاة والحج وغير ذلك مما لا نعلم ما ألزمنا الله تعالى فيه بلفظه، لكن بيان رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا كان بيانه عليه السلام لذلك المجمل غير محفوظ ولا مضمون سلامته مما ليس منه، فقد بطل الانتفاع بنص القرآن فبطلت أكثر الشرائع المفترضة علينا فيه، فإذا لم ندر صحيح مراد الله تعالى منها، فما أخطأ فيه المخطئ أو تعمد فيه الكذب الكاذب، ومعاذ الله من هذا، وأيضا نقول لمن قال: إن خبر الواحد العدل عن مثله مبلغا إلى النبي صلى الله عليه وسلم لا يوجب العلم، وإنما يجوز فيه الكذب والوهم، وأنه غير مضمون الحفظ: أخبرونا هل يمكن عندكم أن تكون شريعة فرض أو تحريم أتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ومات وهي باقية لازمة للمسلمين غير منسوخة، فجهلت حتى لا يعملها علم يقين أحد من أهل الاسلام في العالم أبدا، وهل يمكن عندكم أن يكون حكم موضوع بالكذب أو بخطأ بالوهم قد جاز ومضى واختلط بأحكام الشريعة اختلاطا لا يجوز أن يميزه أحد من أهل الاسلام في العالم أبدا، أم لا يمكن عندكم شئ من هذين الوجهين؟.
فإن قالوا: لا يمكنان أبدا، بل قد أمنا ذلك، صاروا إلى قولنا وقطعوا أن كل خبر رواه الثقة عن الثقة مسندا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الديانة، فإنه حق قد قاله عليه السلام كما هو، وأنه يوجب العلم ونقطع بصحته، ولا يجوز أن يختلط به خبر موضوع أو موهوم فيه لم يقله رسول الله صلى الله عليه وسلم قط اختلاطا لا يتميز فيه الباطل من الحق أبدا وإن قالوا: بل كل ذلك ممكن كانوا قد حكموا بأن الدين دين الاسلام قد فسد وبطل أكثره، واختلط ما أمر الله تعالى به مع ما لم يأمر به اختلاطا لا يميزه أحد أبدا، وأنهم لا يدرون أبدا ما أمرهم به الله تعالى مما لم يأمرهم به، ولا ما وضعه الكاذبون والمستخفون مما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بالظن الذي هو أكذب الحديث، والذي لا يغني من الحق شيئا وهذا انسلاخ من الاسلام، وهدم