معا. وكل ظن يتيقن فليس علما أصلا، لا ظاهرا ولا باطنا، بل هو ضلال وشك وظن محرم القول به في دين الله تعالى ونقول لهم: إذا جاز عندكم أن يكون كثير من دين الاسلام قد اختلط بالباطل، فما يؤمنكم إذ ليس محفوظا من أنه لعل كثيرا من الشرائع قد بطلت، لأنها لم ينقلها أحد أصلا؟ فإن منعوا من ذلك لزمهم المنع من اختلاطها بما ليس منها، لان ضمان حفظ الله تعالى يقتضي الأمان من كل ذلك.
وأيضا فإنه لا يشك أحد من المسلمين قطعا في أن كل ما علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته من شرائع الدين واجبها وحرامها ومباحها، فإنها سنة الله تعالى، وقد قال عز وجل ولن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا هذا نص كلامه تعالى. وقد قال تعالى لا تبديل لكلمات الله فلو جاز أن يكون ما نقله الثقات الذين افترض الله تعالى علينا قبول نقلهم والعمل به القول بأنه سنة الله تعالى وبيان نبيه عليه السلام يمكن في شئ منه التحويل أو التبديل، لكان إخبار الله تعالى بأنه لا يوجد لهما تبديل ولا تحويل كذبا، ولكانت كلماته كذبا، وهذا ما لا يجيزه مسلم أصلا، فصح يقينا لا شك فيه أن كل سنة سنها الله تعالى من الدين لرسوله صلى الله عليه وسلم. وسنها رسوله عليه السلام لامته، فإنها لا يمكن في شئ منها تبديل ولا تحويل أبدا وهذا يوجب أن نقل الثقات في الدين يوجب العلم بأنه حق كما هو عند الله تعالى، وقولنا ولله الحمد.
وأيضا: فإنهم مجمعون معنا على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم معصوم من الله تعالى في البلاغ في الشريعة، وعلى تكفير من قال ليس معصوما في تبليغه الشريعة إلينا. فنقول لهم: أخبرونا عن الفضيلة بالعصمة التي جعلها الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم في تبليغه الشريعة التي بعث بها؟ أهي له عليه السلام في إخباره الصحابة بذلك فقط؟ أم هي باقية لما أتى به عليه السلام في بلوغه إلينا وإلى يوم القيامة؟ فإن قالوا: بل هي له عليه السلام مع من شاهده خاصة لا في بلوغ الدين إلى من بعدهم.