ويتكرر على المسلم أكثر من بضع عشرة مرة في كل يوم وليلة، وخفي على عمر رضي الله عنه أمر جزية المجوس، والامر في قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم لها من مجوس هجر عاما بعد عام، وأبي بكر بعده عاما بعد عام أشهر من الشمس، ولم تكن فضلة قليلة، بل قد ثبت أنه لم يقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم مال أكثر منه على قلة المال هناك حينئذ، وخفي على عمر وابن عمر أيضا الوضوء من المذي، وهو مما تعظم البلوى به، وهذا كثير جدا، ويكفي من هذا أن قول هذا القائل دعوى مجردة بلا دليل، وما كان هكذا فهو باطل مطرح قال عز وجل: * قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ولا يجوز أن يعارض ما قد صح البرهان به من وجوب قبول السنن من طريق الآحاد بدعوى ساقطة فاسدة، وبالله تعالى التوفيق.
وقال أيضا بعض الحنفيين: ما كان من الاخبار زائدا على ما في القرآن أو ناسخا له أو مخالفا له لم يجز أخذه بخبر الواحد إلا حتى يأتي به التواتر.
قال أبو محمد: وهذا تقسيم باطل ودعوى كاذبة وحكم بلا برهان، وما كان هكذا فهو ضلال لا يحل القول به، ونقول لهم: أيجوز الاخذ بشئ من أخبار الآحاد في شئ من الشريعة أم لا؟ فإن قالوا: لا، كلمناهم بما قد فرغنا منه آنفا وكانوا خارجين عن مذهبهم أيضا، وإن قالوا: نعم، وهو قولهم. قلنا لهم:
من أين جوزتم أن يخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم به، وأن يشرع به في دين الله عز وجل شريعة تضاف إليه في الصلاة والزكاة والصوم والحج وغير ذلك في الموضع الذي أجزيتموه فيه، ثم منعتم من قوله حيث هو بزعمك زائد على ما في القرآن أو ناسخ له، فلا سبيل إلى فرق أصلا، وأما قولهم: مخالف الأصول، فكلام فاسد فارغ من المعنى واقع على ما لا يعقل، لان خبر الواحد الثقة المسند أصل من أصول الدين، وليس سائر الأصول أولى بالقبول منه ولا يجوز أن تتنافى أصول الدين، حاشا لله من هذا.
ثم نقول: اعلموا أن كل خبر روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم رواية صحيحة مسندة فإنه ولا بد زائد حكم على ما في القرآن، أو أتي بما في نص القرآن لا بد من أحد الوجهين فيه. والزائد حكما على ما في القرآن ينقسم قسمين: إما جاء