عدم الترجيح) الذي هو موضوع حكم العقل بالتخيير في دوران الأمر بين المحذورين وينقلب إلى الترجيح فإذا علم إجمالا ان صلاة الجمعة إما واجبة أو محرمة وكانت الحالة السابقة هي الوجوب جرى استصحاب الوجوب ولا يستقل معه العقل بالتخيير بين الفعل والترك أبدا.
(ثم إن الشيخ) أعلى الله مقامه الذي قد قال بحكومة الأمارات على الاستصحاب يقول في المقام أيضا بحكومة الاستصحاب على البراءة الشرعية لكن في الجملة أي بالنسبة إلى بعض أدلتها مثل قوله كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي ونحوه واما بالنسبة إلى ما كان مساوقا لحكم العقل أو بالنسبة إلى الأصول العقلية الثلاثة فيكون الاستصحاب واردا عليها رافعا لموضوعها من أصله.
(أقول) (أما التفصيل) بين أدلة البراءة الشرعية فهو حق فما كان مأخوذا في موضوعه عدم البيان مثل قوله تعالى وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هديهم حتى يبين لهم ما يتقون أو ان الله يحتج على العباد بما آتاهم وعرفهم ونحو ذلك فهو ملحق بالأصول العقلية فيكون الاستصحاب واردا عليه رافعا لموضوعه حقيقة (وإما حكومة الاستصحاب) على ساير أدلة البراءة الشرعية فهي غير واضحة لنا ولا معلومة وذلك لما علمت من اشتراط الحكومة بالشرح والنظر ولا نظر لأدلة الاستصحاب إلى مدلول أدلتها أصلا.
(فالأولى) هو الالتزام بوروده عليها تعبدا كما تقدم منا آنفا بمعنى انتفاء موضوعها به شرعا لا حقيقة فتأمل جيدا.
(قوله فيقدم عليها... إلخ) أي بالورود وذلك لعين ما تقدم منه في وجه تقدم الأمارات على الاستصحاب حرفا بحرف.