(الثالث) انه إذا قام الإجماع أو دليل لفظي مجمل على حرمة شيء في زمان ولم يعلم بقائها بعده كحرمة الوطء للحائض المرددة بين اختصاصه بأيام رؤية الدم فيرتفع بعد النقاء وشمولها لزمان بقاء حدث الحيض فلا يرتفع إلا بالاغتسال وكحرمة العصير العنبي بعد ذهاب ثلثيه بغير النار وحلية عصير الزبيب والتمر بعد غليانهما إلى غير ذلك مما لا تحصى فلا مانع في ذلك كله من الاستصحاب.
(أقول) هذا كله مضافا إلى أن الأمر أو النهي إذا شك في بقاءه لتخلف حالة من الحالات وخصوصية من الخصوصيات المحتملة دخلها في الحكم من دون أن يكون من مقومات الموضوع أصلا بحيث كان الموضوع مع تخلفها باقيا في نظر العرف والشك في البقاء صادقا في نظرهم فحينئذ يجري الاستصحاب بلا مانع عنه أبدا (وعليه) فمرجع مجموع الإيرادات الواردة عليه إلى إيرادين.
(أحدهما) أن الأمر أو النهي قد لا يكون مضبوطا في مقام الإثبات فيكون مرددا بين الموقت وغيره أو الموقت يكون مرددا بين زمان وما بعده فحينئذ يجري الاستصحاب بلا مانع عنه.
(ثانيهما) أنه إذا شك في بقاء الأمر أو النهي لا من ناحية تردد وقته أو تردده بين الموقت وغيره بل من ناحية تخلف حالة من الحالات المحتملة دخلها في الحكم من دون دخل لها في بقاء الموضوع عرفا فحينئذ يجري الاستصحاب أيضا بلا مانع عنه (ثم إن) جميع ما ذكر إلى هنا يجري في الأحكام الوضعية حرفا بحرف كما يظهر بالتدبر وإمعان النظر.