2 - المتواتر المعنوي: وهو المعنى المستفاد من تكرره أو الإشارة إليه في أحاديث مختلفة الألفاظ، وكثيرة كثرة لا يمكن معها تكذيبها، كأحاديث ظهور المهدي، فإنها مع اختلاف ألفاظها تلتقي جميعها عند قاسم مشترك أو قدر متيقن، وهو ظهور المهدي.
ويظهر من خلال الاستقراء الذي أشير إليه في بعض مراجع علم الحديث أن الأحاديث المتواترة تواترا لفظيا قليلة قلة نادرة، وأكثر ما يوصف من الأحاديث بالتواتر هي من المتواتر المعنوي، يقول الشهيد الثاني في (الدراية 14 - 15):
(وهو - أي التواتر - يتحقق في أصول الشرايع كوجوب الصلاة اليومية وأعداد ركعاتها، والزكاة، والحج، تحققا كثيرا، وفي الحقيقة مرجع إثبات تواترها إلى المعنوي لا اللفظي، إذ الكلام في الأخبار الدالة عليها كغيرها.
وقليل تحققه في الأحاديث الخاصة المنقولة بالألفاظ المخصوصة لعدم اتفاق الطرفين والوسط فيها، وأن تواتر مدلولها في بعض الوارد كالأخبار الدالة على شجاعة علي (ع) وكرم حاتم ونظائرهما، فإن كل فرد خاص من تلك الأخبار الدالة على أن عليا (ع) قتل فلانا، وفعل كذا، غير متواتر، وكذا الأخبار الدالة على أن حاتما أعطى الفرس الفلانية والجمل والرمح وغيرها، إلا أن القدر المشترك بينها متواتر تدل عليه تلك الجزئيات المتعددة آحادا بالتضمن.
وعلى هذا نزل ما ادعى المرتضى (رحمه الله) ومن تبعه تواتره من الأخبار الدالة على النص وغيره، إذ لا شبهة في أن كل واحد من تلك الأخبار آحاد.
وقد أومى إلى ذلك في (المسائل التباينات).
ولم يتحقق إلى الآن خبر خاص بلغ حد التواتر حتى قيل - والقائل ابن الصلاح - من سئل عن ابراز مثال لذلك أعياه طلبه، هذا مع كثرة رواتهم قديما وحديثا، وانتشارهم في أقطار الأرض، قال: (وحديث (إنما الأعمال بالنيات) ليس منه) أي المتواتر، وأن نقله الآن عدد التواتر وأكثر، فإن جميع علماء الاسلام ورواة الحديث الآن يروونه، وهم يزيدون عن عدد التواتر أضعافا مضاعفة، لأن ذلك