فبلغ أمره جعفر بن محمد (ع) فلم يقدر عليه بأكثر من أن لعنه وتبرأ منه، وجمع أصحابه فعرفهم ذلك، وكتب إلى البلدان بالبراءة منه واللعنة عليه.
وكان ذلك أكثر ما أمكنه فيه، وعظم ذلك على أبي عبد الله جعفر بن محمد (ع)، واستفظعه واستهاله).
ومن الوثائق الروائية التي تعرف عن موقف الأئمة من هؤلاء الغلاة وغلوهم ما يلي:
- عن ابن مسكان، عمن حدثه من أصحابنا، عن أبي عبد الله (ع)، قال:
سمعته يقول: لعن الله المغيرة بن سعيد أنه كان يكذب على أبي، فأذاقه حر الحديد، لعن الله من قال فينا ما لا نقوله في أنفسنا، ولعن الله من أزالنا عن العبودية لله الذي خلقنا، وإليه مآبنا ومعادنا، وبيده نواصبنا.
- عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرحمن: أن بعض أصحابنا سأله، وأنا حاضر، فقال له: يا أبا محمد، ما أشد في الحديث، وأكثر إنكارك لما يرويه أصحابنا، فما الذي يحملك على رد الأحاديث؟... فقال: حدثني هشام بن الحكم أنه سمع أبا عبد الله (ع) يقول: لا تقبلوا علينا حديثا إلا ما وافق القرآن والسنة، أو تجدون معه شاهدا من أحاديثنا المتقدمة، فإن المغيرة بن سعيد لعنه الله دس في كتب أصحاب أبي أحاديث لم يحدث بها أبي، فاتقوا الله، ولا تقبلوا علينا ما خالف قول ربنا وسنة نبينا محمد (ص)، فإنا إذا حدثنا قلنا:
قال الله عز وجل، وقال رسول الله (ص)...).
- عن عبد الرحمن بن كثير، قال: قال أبو عبد الله (ع) يوما لأصحابه: لعن الله المغيرة بن سعيد، ولعن الله يهودية كان يختلف إليها يتعلم منها السحر والشعبذة والمخاريق.
إن المغيرة كذب على أبي، فسلبه الله الإيمان.
وإن قوما كذبوا علي، ما لهم أذاقهم الله حر الحديد.
فوالله ما نحن إلا عبيد الذي خلقنا واصطفانا، ما نقدر على ضر ولا نفع، إن رحمنا فبرحمته، وإن عذبنا فبذنوبنا، والله ما لنا على الله من حجة، ولا معنا من الله براءة، وإنا لميتون ومقبورون ومنشرون ومبعوثون وموقوفون ومسؤولون.