ونادى بمن حوله، وأمرهم بحفير فحفر، وقال: لأشبعنكم اليوم لحما وشحما، فلما علموا أنه قاتلهم، قالوا: لئن قتلتنا فأنت تحيينا، فاستتابهم، فأصروا على ما هم عليه، فأمر بضرب أعناقهم، وأضرم نارا في ذلك الحفير، فأحرقهم فيه.
وهذا من مشهور الأخبار عنه (ع).
وكان في أعصار الأئمة من ولده مثل ذلك، ما يطول الخبر بذكرهم، كالمغيرة بن سعيد - لعنه الله -، وكان من أصحاب أبي جعفر محمد بن علي (ع) ودعاته، فاستزله الشيطان، فكفر وادعى النبوة، وزعم أنه يحيي الموتى، وزعم أن أبا جعفر (ع) إله، تعالى الله رب العالمين، وزعم أنه بعثه رسولا وتابعه على قوله كثير من أصحابه، سموا (المغيرية) باسمه.
وبلغ ذلك أبا جعفر محمد بن علي (ع)، ولم يكن له سلطان كما كان لعلي، فيقتلهم كما قتل علي (ع) الذي ألحدوا فيه، فلعن أبو جعفر المغيرة وأصحابه، وتبرأ منه ومن قوله ومن أصحابه، وكتب إلى جماعة أوليائه وشيعته، وأمرهم برفضهم والبراءة إلى الله منهم ولعنه ولعنهم، ففعلوا، فسماهم (المغيرية الرافضة) لرفضهم إياه، وقبولهم ما قال المغيرة لعنه الله.
وكانت بينه وبينهم وبين أصحابه مناظرة وخصومة واحتجاج، يطول ذكرها.
واستحل المغيرة وأصحابه المحارم كلها وأباحوها، وعطلوا الشرائع وتركوها، وانسلخوا من الاسلام جملة، وبانوا من جميع شيعة الحق كافة واتباع الأئمة، وأشهر أبو جعفر محمد بن علي (ع) لعنهم والبراءة منهم.
ثم كان أبو الخطاب في عصر جعفر بن محمد (ع) من أجل دعاته، فأصابه ما أصاب المغيرة، فكفر، وادعى أيضا النبوة، وزعم أن جعفر بن محمد (ع) إله، تعالى الله عن قوله، واستحل المحارم كلها، ورخص فيها.
وكان أصحابه كلما ثقل عليهم أداء فريضة، أتوه وقالوا: يا أبا الخطاب، خفف علينا، فيأمرهم بتركها، حتى تركوا جميع الفرائض، واستحلوا جميع المحارم، وارتكبوا المحظورات، وأباح لهم أن يشهد بعضهم لبعض بالزور، وقال:
من عرف الامام فقد حل له كل شئ كان حرم عليه.