مثل تعظيم الصديق وتحقيره، فإن تعظيم الصديق لو خلي ونفسه فهو حسن ممدوح عليه، وتحقيره كذلك قبيح لو خلي ونفسه. ولكن تعظيم الصديق بعنوان أنه تعظيم الصديق يجوز أن يكون قبيحا مذموما، كما إذا كان سببا لظلم ثالث. بخلاف العدل، فإنه يستحيل أن يكون قبيحا مع بقاء صدق عنوان " العدل ". كذلك تحقير الصديق بعنوان أنه تحقير له يجوز أن يكون حسنا ممدوحا عليه، كما إذا كان سببا لنجاته. ولكن يستحيل أن يكون الظلم حسنا مع بقاء صدق عنوان " الظلم ".
3 - ما لا علية له ولا اقتضاء فيه في نفسه للحسن والقبح أصلا، وإنما قد يتصف بالحسن تارة إذا انطبق عليه عنوان حسن كالعدل، وقد يتصف بالقبح أخرى إذا انطبق عليه عنوان قبيح كالظلم، وقد لا ينطبق عليه عنوان أحدهما فلا يكون حسنا ولا قبيحا، كالضرب مثلا، فإنه حسن للتأديب وقبيح للتشفي، ولا حسن ولا قبيح، كضرب غير ذي الروح.
ومعنى كون الحسن أو القبح ذاتيا: أن العنوان المحكوم عليه بأحدهما بما هو في نفسه وفي حد ذاته يكون محكوما به، لا من جهة اندراجه تحت عنوان آخر، فلا يحتاج إلى واسطة في اتصافه بأحدهما.
ومعنى كونه مقتضيا لأحدهما: أن العنوان ليس في حد ذاته متصفا به بل بتوسط عنوان آخر، ولكنه لو خلي وطبعه كان داخلا تحت العنوان الحسن أو القبيح. ألا ترى أن تعظيم الصديق لو خلي ونفسه يدخل تحت عنوان " العدل " الذي هو حسن في ذاته، أي بهذا الاعتبار تكون له مصلحة نوعية عامة. أما لو كان سببا لهلاك نفس محترمة كان قبيحا، لأ أنه يدخل حينئذ بما هو تعظيم الصديق تحت عنوان " الظلم " ولا يخرج عن عنوان كونه تعظيما للصديق.
وكذلك يقال في تحقير الصديق، فإنه لو خلي ونفسه يدخل تحت