أصول الفقه - الشيخ محمد رضا المظفر - ج ٢ - الصفحة ٢٨٢
وهذا الحكم من العقل قد لا يكون من جهة المصلحة العامة أو المفسدة العامة ولا من جهة الكمال للنفس أو النقص، بل بدافع الخلق الموجود.
وإذا كان هذا الخلق عاما بين جميع العقلاء يكون هذا الحسن والقبح مشهورا بينهم تتطابق عليه آراؤهم. ولكن إنما يدخل في محل النزاع إذا كان الخلق من جهة أخرى فيه كمال للنفس أو مصلحة عامة نوعية فيدعو ذلك إلى المدح والذم. ويجب الرجوع في هذا القسم إلى ما ذكرته عن " الخلقيات " في المنطق (ج 3 ص 20) (1) لتعرف توجيه قضاء الخلق الإنساني بهذه المشهورات.
الرابع: ومن أسباب الحكم بالحسن والقبح " الانفعال النفساني " نحو الرقة والرحمة والشفقة والحياء والأنفة والحمية والغيرة... إلى غير ذلك من انفعالات النفس التي لا يخلو منها إنسان غالبا.
فنرى الجمهور يحكم بقبح تعذيب الحيوان اتباعا لما في الغريزة من الرقة والعطف، والجمهور يمدح من يعين الضعفاء والمرضى ويعنى برعاية الأيتام والمجانين بل الحيوانات، لأ أنه مقتضى الرحمة والشفقة. ويحكم بقبح كشف العورة والكلام البذئ، لأ أنه مقتضى الحياء. ويمدح المدافع عن الأهل والعشيرة والوطن والأمة، لأ أنه مقتضى الغيرة والحمية... إلى غير ذلك من أمثال هذه الأحكام العامة بين الناس.
ولكن هذا الحسن والقبح لا يعدان حسنا وقبحا عقليين، بل ينبغي أن يسميا عاطفيين أو انفعاليين. وتسمى القضايا هذه عند المنطقيين ب‍ " الانفعاليات ". ولأجل هذا لا يدخل هذا الحسن والقبح في محل النزاع مع الأشاعرة، ولا نقول نحن بلزوم متابعة الشرع للجمهور في هذه

(1) الصفحة 344 من طبعتنا الحديثة.
(٢٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الملازمات العقلية تمهيد، وفيه بيان أمرين: 261
2 1 - أقسام الدليل العقلي 262
3 2 - لماذا سميت هذه المباحث بالملازمات العقلية؟ 264
4 الباب الأول: المستقلات العقلية تمهيد 268
5 المبحث الأول: التحسين والتقبيح العقليان 1 - معنى الحسن والقبح وتصوير النزاع فيهما 272
6 2 - واقعية الحسن والقبح في معانيه، ورأي الأشاعرة 276
7 3 - العقل العملي والنظري 277
8 4 - أسباب حكم العقل العملي بالحسن والقبح 279
9 5 - معنى الحسن والقبح الذاتيين 284
10 6 - أدلة الطرفين 286
11 المبحث الثاني: إدراك العقل للحسن والقبح 291
12 المبحث الثالث: ثبوت الملازمة العقلية بين حكم العقل وحكم الشرع 293
13 الباب الثاني: غير المستقلات العقلية وفيه مسائل خمس: المسألة الأولى: الإجزاء تصدير، وفي المسألة مقامان: 301
14 المقام الأول: الإجزاء في الأمر الاضطراري 303
15 المقام الثاني: الإجزاء في الأمر الظاهري 307
16 تمهيد، ويعقد البحث في ثلاث مسائل: 307
17 1 - الإجزاء في الأمارة مع انكشاف الخطأ يقينا 308
18 2 - الإجزاء في الأصول مع انكشاف الخطأ يقينا 311
19 3 - الإجزاء في الأمارات والأصول مع انكشاف الخطأ بحجة معتبرة 313
20 تنبيه في تبدل القطع 315
21 المسألة الثانية: مقدمة الواجب تحرير النزاع 317
22 مقدمة الواجب من أي قسم من المباحث الأصولية 318
23 ثمرة النزاع 319
24 للمسألة تمهيدات تسعة: 1 - الواجب النفسي والغيري 320
25 2 - معنى التبعية في الوجوب الغيري 322
26 3 - خصائص الوجوب الغيري 325
27 4 - مقدمة الوجوب 328
28 5 - المقدمة الداخلية 329
29 6 - الشرط الشرعي 330
30 7 - الشرط المتأخر 333
31 8 - المقدمات المفوتة 336
32 9 - المقدمة العبادية 344
33 النتيجة: مسألة مقدمة الواجب والأقوال فيها 350
34 المسألة الثالثة: مسألة الضد تحرير محل النزاع 355
35 1 - الضد العام 357
36 2 - الضد الخاص 360
37 ثمرة المسألة 364
38 مسألة الترتب 370
39 المسألة الرابعة: اجتماع الأمر والنهي تحرير محل النزاع 376
40 المسألة من الملازمات العقلية غير المستقلة 381
41 مناقشة الكفاية في تحرير النزاع 383
42 قيد المندوحة 383
43 الفرق بين بابي التعارض والتزاحم ومسألة الاجتماع 384
44 الحق في المسألة 391
45 تعدد العنوان لا يوجب تعدد المعنون 397
46 ثمرة المسألة 399
47 اجتماع الأمر والنهي مع عدم المندوحة 401
48 حرمة الخروج من المغصوب أو وجوبه 404
49 صحة الصلاة حال الخروج 409
50 المسألة الخامسة: دلالة النهي على الفساد تحرير محل النزاع، وفيه بيان أربعة أمور: 1 - الدلالة 410
51 2 - النهي 412
52 3 - الفساد 412
53 4 - متعلق النهي 413
54 المبحث الأول: النهي عن العبادة 414
55 المبحث الثاني: النهي عن المعاملة 419