أنه لا يدل على فساد المعاملة، إذ لم تثبت المنافاة لا عقلا ولا عرفا بين مبغوضية العقد والتسبيب به وبين إمضاء الشارع له بعد أن كان العقد مستوفيا لجميع الشروط المعتبرة فيه، بل ثبت خلافها كحرمة الظهار التي لم تناف ترتب الأثر عليه من الفراق.
وإن كان النهي على النحو الثاني - أي عن المسبب - فقد ذهب جماعة من العلماء إلى أن النهي في هذا القسم يقتضي الفساد (1).
وأقصى ما يمكن تعليل ذلك بما ذكره بعض أعاظم مشايخنا: من أن صحة كل معاملة مشروطة بأن يكون العاقد مسلطا على المعاملة في حكم الشارع غير محجور عليه من قبله من التصرف في العين التي تجري عليها المعاملة، ونفس النهي عن المسبب يكون معجزا مولويا للمكلف عن الفعل ورافعا لسلطنته عليه، فيختل به ذلك الشرط المعتبر في صحة المعاملة، فلا محالة يترتب على ذلك فسادها (2).
هذا غاية ما يمكن أن يقال في بيان اقتضاء النهي عن المسبب لفساد المعاملة. ولكن التحقيق أن يقال:
إن استناد الفساد إلى النهي إنما يصح أن يفرض ويتنازع فيه فيما إذا كان العقد بشرائطه موجودا حتى بشرائط المتعاقدين وشرائط العوضين، وأنه ليس في البين إلا المبغوضية الصرفة المستفادة من النهي. وحينئذ يقع البحث في أن هذه المبغوضية هل تنافي صحة المعاملة أو لا تنافيها؟
أما إذا كان النهي دالا على اعتبار شئ في المتعاقدين والعوضين أو العقد - مثل النهي عن أن يبيع السفيه والمجنون والصغير الدال على اعتبار العقل والبلوغ في البايع، وكالنهي عن بيع الخمر والميتة والآبق ونحوها