بالمبعد، كما يستحيل التقرب بنفس المبعد بلا فرق.
على أن في هذه التعليلات من المناقشة ما لا يسعه هذا المختصر، ولا حاجة إلى مناقشتها بعدما ذكرناه.
هذا كله في النهي النفسي.
أما النهي الغيري المقدمي: فحكمه حكم النفسي بلا فرق، كما أشرنا إلى ذلك في ما تقدم ص 412.
فإنه أشرنا هناك إلى الوجه الذي ذكره بعض أعاظم مشايخنا (قدس سره) للفرق بينهما، بأن النهي الغيري لا يكشف عن وجود مفسدة وحزازة في المنهي عنه، فيبقى المنهي عنه على ما كان عليه من المصلحة الذاتية بلا مزاحم لها من مفسدة للنهي، فيمكن التقرب به بقصد تلك المصلحة الذاتية المفروضة. بخلاف النهي النفسي الكاشف عن المفسدة والحزازة في المنهي عنه المانعة من التقرب به.
وقد ناقشناه هناك بأن التقرب والابتعاد ليسا يدوران مدار المصلحة والمفسدة الذاتيتين حتى يتم هذا الكلام، بل - كما ذكرناه هناك - أن الفعل المبعد عن المولى في حال كونه مبعدا لا يعقل أن يكون متقربا به إليه - كالتقرب والابتعاد المكانيين - والنهي وإن كان غيريا يوجب البعد ومبغوضية المنهي عنه وإن لم يشتمل على مفسدة نفسية.
ويبقى الكلام في النهي التنزيهي - أي الكراهة - فالحق أيضا أنه يقتضي الفساد كالنهي التحريمي، لنفس التعليل السابق من استحالة التقرب بما هو مبعد بلا فرق، غاية الأمر أن مرتبة البعد في التحريمي أشد وأكثر منها في التنزيهي، كاختلاف مرتبة القرب في موافقة الأمر الوجوبي والاستحبابي. وهذا الفرق لا يوجب تفاوتا في استحالة التقرب بالمبعد.
ولأجل هذا حمل الأصحاب الكراهة في العبادة على أقلية الثواب مع