حسبما يفهم من بحثهم المسألة وجملة من الأقوال فيها، لا سيما المتأخرون من الأصوليين.
وعليه، فيكون المراد من " الدلالة " خصوص الدلالة العقلية. وحينئذ يكون المقصود من النزاع: البحث عن اقتضاء طبيعة النهي عن الشئ فساد المنهي عنه عقلا. ومن هنا يعلم أنه لا يشترط في النهي أن يكون مستفادا من دليل لفظي. وفي الحقيقة يكون النزاع هنا عن ثبوت الملازمة العقلية بين النهي عن الشئ وفساده، أو عن الممانعة والمنافرة عقلا بين النهي عن الشئ وصحته. لا فرق بين التعبيرين.
ولأجل هذا أدرجنا نحن هذه المسألة في قسم الملازمات العقلية.
نعم، قد يدعي بعضهم: أن هذه الملازمة - على تقدير ثبوتها - من نوع الملازمات البينة بالمعنى الأخص (1). وحينئذ يكون اللفظ الدال بالمطابقة على النهي دالا بالدلالة الالتزامية على فساد المنهي عنه، فيصح أن يراد من " الدلالة " ما هو أعم من الدلالة اللفظية والعقلية.
ونحن نقول: هذا صحيح على هذا القول، ولا بأس بتعميم الدلالة إلى (2) اللفظية والعقلية في العنوان حينئذ. ولكن النزاع مع هذا القائل أيضا يقع في الملازمة العقلية قبل فرض الدلالة اللفظية الالتزامية، فالبحث معه أيضا يرجع إلى البحث عن الاقتضاء العقلي. فالأولى أن يراد من " الدلالة " في العنوان الاقتضاء العقلي، فإنه يجمع جميع الأقوال والاحتمالات، لا سيما أن البحث يشمل كل نهي وإن لم يكن مستفادا من دليل لفظي.
والعبارة تكون أكثر استقامة لو عبر عن عنوان المسألة بما عبر به صاحب الكفاية (قدس سره) بقوله: " اقتضاء النهي الفساد " (3) فأبدل كلمة " الدلالة "