لاستحالة امتثالهما حينئذ من المكلف، فيستحيل التكليف من المولى بهما، فإما أن يحرم أحدهما أو يجب الآخر. ويرجع ذلك إلى باب التزاحم الذي سيأتي التعرض له.
وبهذا تبطل شبهة " الكعبي " المعروفة التي أخذت قسطا وافرا من أبحاث الأصوليين إذا كان مبناها هذه الملازمة المدعاة، فإنه نسب إليه القول بنفي المباح (1) بدعوى أن كل ما يظن من الأفعال أنه مباح فهو واجب في الحقيقة، لأن فعل كل مباح ملازم قهرا لواجب وهو ترك محرم واحد من المحرمات على الأقل.
الثاني: مسلك المقدمية:
وخلاصته: دعوى أن ترك الضد الخاص مقدمة لفعل المأمور به، ففي المثال المتقدم يكون ترك الأكل مقدمة لفعل الصلاة، ومقدمة الواجب واجبة، فيجب ترك الضد الخاص.
وإذا وجب ترك الأكل حرم تركه، أي ترك ترك الأكل، لأن الأمر بالشئ يقتضي النهي عن الضد العام، وإذا حرم ترك ترك الأكل، فإن معناه حرمة فعله، لأن نفي النفي إثبات، فيكون الضد الخاص منهيا عنه.
هذا خلاصة مسلك المقدمية. وقد رأيت كيف ابتني النهي عن الضد الخاص على ثبوت النهي عن الضد العام.
ونحن إذ قلنا بأنه لا نهي مولوي عن الضد العام، فلا يحرم ترك ترك الضد الخاص حرمة مولوية، أي لا يحرم فعل الضد الخاص، فثبت المطلوب.
على أن مسلك المقدمية غير صحيح من وجهين آخرين: