رأيه واعتقاده الذي هو موضوع الحجية في باب التقليد (لوضوح) ان فتوى الفقيه من هذه الجهة انما تكون حجة في حق العامي، لا في حق مجتهد آخر مثله.
(ثم لا يخفى) ان الارتكاز العقلي على لزوم رجوع الجاهل إلى العالم انما هو قضية اجمالية لا يكاد يستكشف منها الخصوصيات المحتملة دخلها في المرجع من مثل الحياة والايمان والعدالة والأعلمية والذكورية والحرية ونحوها لا اثباتا ولا نفيا (ولذلك) كان المجال لرجوع المقلد في هذه الخصوصيات بحكم العقل الاجمالي إلى العالم إذا شك في اعتبارها في المرجع كلا أو بعضا (ولا محيص) له عند الشك من الرجوع أولا إلى من هو جامع جميع ما احتمل دخله في المرجع من الصفات، فيفتيه العالم بها بما استقر عليه رأيه بمقتضى استفادته من الأدلة الشرعية اطلاقا وتقييدا.
(المقام الثالث) قد اختلفوا في وجوب تقليد الأعلم عند اختلاف الاحياء في العلم والفضيلة وعدم وجوبه ومساواته مع العالم من هذه الجهة على قولين (والظاهر) ان الخلاف كما يظهر من تصريح بعضهم انما هو في فرض كون فتوى الأعلم مخالفة لفتوى غيره، بل ومع علم المقلد باختلافهما في الفتوى أيضا (والا) ففي فرض توافقهما في الفتوى وعلم المقلد بذلك لا اشكال ظاهرا في التخيير بينهما لعدم الدليل على تعين الرجوع إلى الأعلم، بل لا ثمرة للنزاع في هذا الفرض، لان العمل بفتوى أحدهما عمل بالآخر أيضا ولا تختص الحجية حينئذ بواحد معين لكونهما من قبيل تعدد الرواية في حكم المسألة، وقد عرفت خروج البناء والالتزام في العمل على طبق الحجة عن موضوع الحكم الشرعي والمصححية للعمل (ودعوى) سقوط فتوى المفضول عن الحجية مع وجود الأفضل بالمرة واندراجها فيما دل على النهى عن اتباع غير العلم (يدفعها) اطلاق الأدلة المتقدمة كتابا وسنة (بل ويدفعها) السيرة القطعية والقاعدة الارتكازية الفطرية (وحينئذ) فلا ينبغي التشكيك في حجية فتوى غير الأعلم في نفسها (وانما) الاشكال كله في فرض كون فتوى