وثالثا: بأن الأخبار الدالة على التوقف عند تعارض الامارتين، معارضة بما دل على التخيير عند التعارض، كما لا يخفى، ففي تعيين وجوب التوقف في الشبهة المذكورة، أيضا نظر ظاهر.
ورابعا: بأن المحرم: ما يجب اجتنابه، وهذه الأخبار كالصريحة في أن (1) الشبهة ليست من المحرمات، فلا يكون اجتنابها واجبا، بل لما كانت مما قد ينجر ويفضي إلى ارتكاب الحرام، يكون اجتنابها مستحبا، وارتكابها مكروها، ولهذا وقع طلب ترك ارتكاب الشبهة في هذه الروايات بطريق النصيحة والموعظة، لا بطريق صيغة النهي الظاهر في الالزام، فتأمل.
وأما عن أدلة الاحتياط:
فعن الرواية الأولى:
أولا: بمنع أنه من قبيل ما نحن فيه، لان بإصابة الصيد علم اشتغال ذمة كل من الرجلين، فيجب العلم ببراءة الذمة، ولا يحصل إلا بجزاء تام من كل واحد منهما، فلا يجوز التمسك فيه بأصالة براءة الذمة.
والحاصل: أنه إذا قطع باشتغال الذمة بشئ، ويكون لذلك الشئ فردان: بأحدهما تحصل البراءة قطعا، وبالآخر يشك في حصول براءة الذمة، فإنه حينئذ لا أعلم خلافا في وجوب الاتيان بما يحصل به يقين براءة الذمة، لقولهم عليهم السلام: " لا يرفع اليقين إلا يقين مثله " (2). وغير ذلك، ونحن نجوز التمسك بالأصل فيما لم يقطع باشتغال الذمة، وهذا ظاهر.
وثانيا: بتسليم عدم جواز العمل بالأصل مع التمكن من الرد إلى الأئمة عليهم السلام، والسؤال منهم (3) عليهم صلوات الله عليه وسلامه، لان العمل بالأصل مع