وأما المرتضى ره فإنه أجاز وقوع الاجماع في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بناءا على أن الاجماع هو اتفاق من يعلم أن المعصوم عليه السلام في جملتهم، وبأن الأدلة التي استدلوا بها على صحة الاجماع لا تختص بما بعد انقطاع الوحي.
وقول الجمهور: لا اعتبار بقول الجماعة، ضعيف، لأنه لولا اتفاق الجماعة لما علم قول النبي صلى الله عليه وآله فكان اتفاقهم منضما إلى قوله من غير تعيين حجة.
إذا عرفت هذا فنقول: اختلف أصحابنا في الاجماع، هل ينسخ وينسخ به؟ فقال المرتضى ره: يجوز ذلك عقلا، لكن الاجماع منع منه. وقال [شيخنا أبو جعفر] الطوسي: الاجماع دليل عقلي، والنسخ لا يكون الا بدليل شرعي، فلم يتحقق النسخ فيما يكون مستنده العقل، وقال بعض المتأخرين: الاجماع لا يكون الا اتفاقا، ولا يكون الا عن مستند قطعي، فيكون الناسخ ذلك المستند لا نفس الاجماع، وفى هذه الوجوه اشكال.
والذي يجئ على مذهبنا أنه يصح دخول النسخ فيه، بناءا على أن الاجماع انضمام أقوال إلى قول لو انفرد لكانت الحجة، فيه، فجائز حصول مثل هذا في زمن النبي صلى الله عليه وآله ثم ينسخ ذلك الحكم بدلالة شرعية متراخية، و كذلك يجوز ارتفاع الحكم المعلوم من السنة أو القرآن بأقوال يدخل في جملتها قول النبي صلى الله عليه وآله.
المسألة الثانية عشرة: هل يدخل النسخ فحوى الخطاب؟ الحق: نعم، لأنه دليل شرعي، فجاز رفع الحكم الثابت به، كغيره من الأدلة، لكن يجوز رفع المنطوق والفحوى، [ورفع الفحوى] دون المنطوق، إذا تعلقت به مصلحة وان كان فيه بعد.