الوجه الثاني: ان اطلاق الامر يدل على استمرار الالزام بالفعل، فلو لم يرد دوامه، لوجب بيان مدته، والا لزم الاغراء باعتقاد الجهل.
الوجه الثالث: لو جاز النسخ لزم رفع الثقة بدوام الاحكام، وتمسك اليهود في المسألة بقول موسى عليه السلام: " تمسكوا بالسبت [أبدا " وبقوله: " تمسكوا بالسبت] ما دامت السماوات والأرض ".
والجواب عن الأول (أن نقول: لا نسلم) (1) أنه يلزم منه الامر بالشئ و النهي عنه، لأنا بينا أن الدليل الأول تناول غير ما تناوله الثاني وانما يلزم البداء لو كان الامر بنفس ما نهى عنه، والوقت والمكلف واحد.
قوله: لو نهى عنه لانتقضت دلالة الحسن.
قلنا: لا نسلم أن الدليل الثاني دل على قبح ما لم يدل عليه الأول، فلم تنتقض دلالته، وجرى ذلك مجرى ما علم زواله عقلا، فان الشرع إذا دل على وجوب فعل، فإذا عجز عنه [المكلف] سقط بالعجز، ولا يلزم أن يكون العجز ناقضا لدلالة الوجوب، فكذا مسألتنا.
والجواب عن الثاني: قوله لو لم يرد دوامه لبينه وإلا لزم الاغراء باعتقاد الجهل.
قلنا: لا نسلم، لان المكلف يعلم أن تغير المصالح يوجب تغير التكاليف وذلك يمنعه عن القطع باعتقاد الدوام.
قوله في الوجه الثالث: يلزم أن لا يحصل الوثوق بدوام شئ من الاحكام.
قلنا: نحن نعلم دوام كثير من الاحكام بالضرورة من مقاصد الشرع، فيكون الوثوق بالدوام حيث [يكون] الامر كذلك دون غيره.
المسألة الثالثة: الزيادة على النص ان كانت رافعة لمثل الحكم الشرعي