والجواز لا خلاف بيننا فيه، وإنما الخلاف في الوقوع. فإن قستم (1) قبول خبر الواحد على المفتي بعلة فقهية جامعة بينهما، كان لنا - قبل النظر في صحة هذه العلة - أن نقول (2) لكم: التعبد بالعمل بخبر الواحد عندكم معلوم مقطوع عليه، ولا يجوز إثبات مثله بطريقة الاجتهاد التي لا (3) تقتضي (4) إلا (5) الظن. وقد فرق بين المفتي والمخبر الواحد بأن المفتي يجب أن يختص بشروط: مثل أن يكون من أهل الاجتهاد، ولا يجب مثل ذلك في الخبر الواحد.
والمفتي يخبر عن نفسه، والمخبر الواحد يحكي عن غيره.
والمستفتي يخبر في العلماء، وليس كذلك سامع خبر الواحد.
والكلام على حمل ذلك على الشهادة يجري مجرى الكلام على من حمله على قول المفتي، من أنه قياس، والقياس (6) لا يسوغ في مثل هذا الموضع. وقد قال بعض المحصلين من العلماء: أن الشهادة أصل في بابها، فكل فرع منها أصل في بابه، فكما لا يقاس بعضها على بعض، فكذلك (7) لا تقاس (8) الاخبار على الشهادة،