لداهيتين عظيمتين لا يبقى عند وقوع الأولى حي الإ مات ولا عند وقوع الثانية إلا بعث وقام ووجه إضافته إلى الأولى ظاهر وقيل يوم ترجف منصوب باذكر فتكون الجملة استئنافا مقررا لمضمون الجواب المضمر كأنه قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم اذكر لهم يوم النفختين فإنه وقت بعثهم وقيل هو منصوب بما دل عليه قوله تعالى «قلوب يومئذ واجفة» أي يوم ترجف وجفت القلوب قيل قلوب مبتدأ ويومئذ متعلق بواجفة وهي صفة لقلوب مسوغة لوقوعه مبتدأ وقوله تعالى «أبصارها» أي أبصار أصحاب «خاشعة» جملة من مبتدأ وخبر وقعت خبرا لقلوب وقد مر أن حق الصفة أن تكون معلومة الانتساب إلى الموصوف عند السامع حتى قالوا إن الصفات قبل العلم بها أخبار والأخبار بعد العلم بها صفات فحيث كان ثبوت الوجيف للقلوب وثبوت الخشوع لأبصار أصحابها سواء في المعرفة والجهالة كان جعل الأول عنوانا للموضوع مسلم الثبوت مفروغا عنه وجعل الثاني مخبرا به مقصود الإفادة تحكما بحتا على أن الوجيف الذي هو عبارة عن شدة اضطراب القلب وقلقه من الخوف والوجل أشد من خشوع البصر وأهول فجعل أهون الشرين عمدة وأشدهما فضلة مما لا عهد له في الكلام وأيضا فتخصيص الخشوع بقلوب موصوفة بصفة معينة غير مشعرة بالعموم والشمول تهوين للخطب في موقع التهويل فالوجه أن يقال تنكير قلوب يقوم مقام الوصف المختص سواء على حمل التنويع كما قيل وإن لم يذكر النوع المقابل فإن المعنى منسحب عليه أو على التكثير كما في شر أهر ذا ناب فإن التفخيم كما يكون بالكيفية يكون بالكمية أيضا كأنه قيل قلوب كثيرة يوم إذ يقع النفختان واجفة أي شديدة الاضطراب قال ابن عباس رضى الله عنهما خائفة وجلة وقال السدى زائلة عن أماكنها كما في قوله تعالى إذ القلوب لدى الحناجر وقوله تعالى يقولون أننا لمردودون في الحافرة حكاية لما يقوله المنكرون للبعث المكذبون بالآيات الناطقة به إثر بيان وقوعه بطريق التوكيد القسمي وذكر مقدماته الهائلة وما يعرض عند وقوعها للقلوب والأبصار أي يقولون إذا قيل لهم إنكم تبعثون منكرين له متعجبين منه أئنا لمردودون بعد موتنا في الحافرة أي في الحالة الأولى يعنون الحياة من قولهم رجع فلان في حافرته أي في طريقته التي جاء فيها فحفرها أي أثر فيها بمشيه وتسميتها حافرة مع أنها محفورة كقوله تعالى في عيشة راضية أي منسوبة إلى الحفر والرضا أو كقولهم نهاره صائم على تشبيه القابل بالفاعل وقرئ في الحفرة وهي بمعنى المحفورة
(٩٧)