تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٦ - الصفحة ٨٤
عليه السلام «وجعلناها وابنها» أي قصتهما أو حالهما «آية للعالمين» فإن من تأمل حالهما تحقق كمال قدرته عز وجل فالمراد بالآية ما حصل بهما من الآية التامة مع تكاثر آيات كل واحد منهما وقيل أريد بالآية الجنس الشامل لما لكل واحد منهما من الآيات المستقلة وقيل المعنى وجعلناها آية وابنها آية فحذفت الأولى لدلالة الثانية عليها «إن هذه» أي ملة التوحيد والإسلام أشير إليها بهذه تنبيها على كمال ظهور امرها في الصحة والسداد «أمتكم» أي ملتكم التي يجب ان تحافظوا على حدودها وتراعوا حقوقها ولا تخلوا بشيء منها والخطاب للناس قاطبة «أمة واحدة» نصب على الحالية من أمتكم اي غير مختلفة فيما بين الأنبياء عليهم السلام إذ لا مشاركة لغيرها في صحة الاتباع ولا احتمال لتبدلها وتغيرها كفروع الشرائع المتبدلة حسب تبدل الأمم والاعصار وقرئ أمتكم بالنصب على البدلية من اسم إن وأمة واحدة بالرفع على الخبرية وقرئتا بالرفع على أنهما خبران «وأنا ربكم» لا إله لكم غيري «فاعبدون» خاصة لا غير وقوله تعالى «وتقطعوا أمرهم بينهم» التفات إلى الغيبة لينعى عليهم ما أفسدوه من التفرق في الدين وجعل أمره قطعا موزعة وينهى قبائح أفعالهم إلى الآخرين كأنه قيل إلا ترون إلى عظيم ما ارتكب هؤلاء في دين الله الذي أجمعت عليه كافة الأنبياء عليهم السلام «كل» أي كل واحدة من الفرق المتقطعة أوكل واحد من آحاد كل واحدة من تلك الفرق «إلينا راجعون» بالبعث لا إلى غيرنا فتجازيهم حينئذ بحسب أعماله وإيراد اسم الفاعل للدلالة على الثبات والتحقق وقوله تعالى «فمن يعمل من الصالحات» الخ تفصيل للجزاء أي فمن يعمل بعض الصالحات أو بعضا من الصالحات «وهو مؤمن» بالله ورسله «فلا كفران لسعيه» أي لا حرمان لثواب عمله ذلك عبر عن ذلك بالكفران الذي هو ستر النعمة وجحودها لبيان كمال نزاهته تعالى عنه بتصويره بصورة ما يستحيل صدوره عنه تعالى من القبائح وإبراز الإثابة في معرض الأمور الواجبة عليه تعالى ونفى نفى الجنس للمبالغة في التنزيه وعبر عن العمل بالسعي لإظهار الاعتداد به «وإنا له» أي لسعيه «كاتبون» أي مثبتون في صحائف أعمالهم لا نغادر من ذلك شيئا «وحرام على قرية» أي ممتنع على أهلها غير متصور منهم وقرئ حرم وهي لغة كالحل والحلال «أهلكناها» قدرنا هلاكها أو حكمنا به لغاية طغيانهم وعتوهم وقوله تعالى «أنهم لا يرجعون» في حيز كل إلينا راجعون وما في ان من معنى التحقيق معتبر في النفي المستفاد الرفع على أنه مبتدأ خبره حرام أو فاعل له ساد مسد خبره والجملة لتقرير مضمون ما قبلها من قوله تعالى من حرام لا في المنفى أي ممتنع البتة عدم رجوعهم إلينا للجزاء لا أن عدم رجوعهم المحقق ممتنع وتخصيص امتناع عدم رجوعها بالذكر مع شمول
(٨٤)
مفاتيح البحث: الأنبياء (ع) (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (سورة طه) قوله تعالى: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى. 2
2 قوله تعالى: منها خلقناكم وفيها نعيدكم الآية. 22
3 قوله تعالى: وما أعجلك عن قومك يا موسى. 33
4 قوله تعالى: وعنت الوجوه للحي القيوم الآية. 43
5 (سورة الأنبياء - الجزء السابع عشر) قوله تعالى: اقترب للناس حسابهم الآية. 53
6 قوله تعالى: ومن يقل منهم أني إله الآية. 64
7 قوله تعالى: وقد آتينا إبراهيم رشده الآية. 72
8 قوله تعالى: وأيوب إذ نادى ربه الآية. 81
9 (سورة الحج) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الآية. 91
10 قوله تعالى: هذان خصمان اختصموا في ربهم الآية. 101
11 قوله تعالى: إن الله يدافع عن الذين آمنوا الآية. 108
12 قوله تعالى: ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به الآية. 116
13 (سورة المؤمنون - الجزء الثامن عشر) قوله تعالى: قد أفلح المؤمنون. 133
14 قوله تعالى: هيهات هيهات لما توعدون. 134
15 قوله تعالى: ولو رحمناهم الآية. 145
16 (سورة النور) قوله تعالى: سورة أنزلناها وفرضناها الآية. 155
17 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا الآية. 164
18 قوله تعالى: الله نور السماوات والأرض الآية. 175
19 قوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم الآية. 188
20 (سورة الفرقان) قوله تعالى: تبارك الذي نزل الفرقان الآية 200
21 [الجزء التاسع عشر] قوله تعالى: وقال الذين لا يرجون لقاءنا الآية 210
22 قوله تعالى: وهو الذي مرج البحرين الآية. 225
23 (سورة الشعراء) قوله تعالى: طسم تلك آيات الكتاب المبين. 233
24 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى الآية 244
25 قوله تعالى: قالوا أنؤمن لك الآية 254
26 أوفوا الكيل ولا تكونوا الآية 262
27 (سورة النمل) قوله تعالى: طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين. 271
28 قوله تعالى: قال سننظر أصدقت الآية. 282
29 [الجزء العشرون] قوله تعالى: فما كان جواب قومه الآية 292
30 قوله تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا الآية 300