تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٦ - الصفحة ٧٦
«قال» مبكتا لهم «أفتعبدون» أي أتعلمون ذلك فتعبدون «من دون الله» أي متجاوزين عبادته تعالى «ما لا ينفعكم شيئا» من النفع «ولا يضركم» فإن العلم بحاله المنافية للألوهية مما يوجب الإجتناب عن عبادته قطعا «أف لكم ولما تعبدون من دون الله» تضجر منه عليه السلام من إصرارهم على الباطل البين وإظهار الاسم الجليل في موضع الإضمار لمزيد استقباح ما فعلوا وأف صوت المتضجر ومعناه قبحا ونتنا واللام لبيان المتأفف له «أفلا تعقلون» اى الا تتفكرون فلا تعقلون قبح صنيعكم «قالوا» اى قال بعضهم لبعض لما عجزوا عن المحاجة وضاقت عليه الحيل وعيت بهم العلل وهكذا ديدن المبطل المحجوج إذا قرعت شبهته بالحجة القاطعة وافتضح لا يبقى له مفزع إلا المناصبة «حرقوه» فإنه أشد العقوبات «وانصروا آلهتكم» الانتقام لها «إن كنتم فاعلين» أي للنصر أو لشيء يعتد به قيل القائل نمرود بن كنعان بن السنجاريب ابن نمرود بن كوس بن حاء بن نوح وقيل رجل من أكراد فارس اسمه هيون وقيل هدير خسفت به الأرض روى أنهم لما أجمعوا على إحراقه عليه السلام بنوا له حظيرة بكوثى قرية من قرى الأنباط وذلك قوله تعالى قالوا ابنوا له بنيانا فألقوه في الجحيم فجمعوا له صلاب الحطب من أصناف الخشب مدة أربعين يوما فأوقدوا نارا عظيمة لا يكاد يحوم حولها أحد حتى إن كانت الطير لتمر بها وهي في أقصى الجو فتحترق من شدة وهجها ولم يكد أحد يحوم حولها فلم يعلموا كيف يلقونه عليه السلام فيها فأتى إبليس وعلمهم عمل المنجنيق فعملوه وقيل صنعه لهم رجل من الأكراد فخسف الله تعالى به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة ثم عمدوا إلى إبراهيم عليه السلام فوضعوه فيه مغلولا فرموا به فيها فقال له جبريل عليهما السلام هل لك حاجة قال أما إليك فلا قال فاسأل ربك قال حسبي من سؤالي علمه بحالي فجعل الله تعالى ببركة قوله الحظيرة روضة وذلك قوله تعالى «قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم» أي كوني ذات برد وسلام أي ابردى بردا غير ضار وفيه مبالغات جعل النار المسخرة لقدرته تعالى مأمورة مطاوعة وإقامة كونى ذات برد مقام أبردى ثم حذف المضاف وإقامة المضاف غليه مقامه وقيل نصب سلاما بفعله أي وسلمنا سلاما عليه روى أن الملائكة أخذوا بضبعي إبراهيم وأقعدوه على الأرض فإذا عين ماء عذب وورد أحمر ونرجس ولم تحرق النار إلا وثاقه وروى أنه عليه السلام مكث فيها أربعين يوما أو خمسين وقال ما كنت أطيب عيشا منى إذ كنت فيها قال ابن يسار وبعث الله تعالى ملك الظل فقعد إلى جنبه يؤنسه فنظر نمرود من صرحه فأشرف عليه فرآه جالسا في روضة مونقة ومعه جليس على أحسن ما يكون من الهيئة
(٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (سورة طه) قوله تعالى: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى. 2
2 قوله تعالى: منها خلقناكم وفيها نعيدكم الآية. 22
3 قوله تعالى: وما أعجلك عن قومك يا موسى. 33
4 قوله تعالى: وعنت الوجوه للحي القيوم الآية. 43
5 (سورة الأنبياء - الجزء السابع عشر) قوله تعالى: اقترب للناس حسابهم الآية. 53
6 قوله تعالى: ومن يقل منهم أني إله الآية. 64
7 قوله تعالى: وقد آتينا إبراهيم رشده الآية. 72
8 قوله تعالى: وأيوب إذ نادى ربه الآية. 81
9 (سورة الحج) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الآية. 91
10 قوله تعالى: هذان خصمان اختصموا في ربهم الآية. 101
11 قوله تعالى: إن الله يدافع عن الذين آمنوا الآية. 108
12 قوله تعالى: ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به الآية. 116
13 (سورة المؤمنون - الجزء الثامن عشر) قوله تعالى: قد أفلح المؤمنون. 133
14 قوله تعالى: هيهات هيهات لما توعدون. 134
15 قوله تعالى: ولو رحمناهم الآية. 145
16 (سورة النور) قوله تعالى: سورة أنزلناها وفرضناها الآية. 155
17 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا الآية. 164
18 قوله تعالى: الله نور السماوات والأرض الآية. 175
19 قوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم الآية. 188
20 (سورة الفرقان) قوله تعالى: تبارك الذي نزل الفرقان الآية 200
21 [الجزء التاسع عشر] قوله تعالى: وقال الذين لا يرجون لقاءنا الآية 210
22 قوله تعالى: وهو الذي مرج البحرين الآية. 225
23 (سورة الشعراء) قوله تعالى: طسم تلك آيات الكتاب المبين. 233
24 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى الآية 244
25 قوله تعالى: قالوا أنؤمن لك الآية 254
26 أوفوا الكيل ولا تكونوا الآية 262
27 (سورة النمل) قوله تعالى: طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين. 271
28 قوله تعالى: قال سننظر أصدقت الآية. 282
29 [الجزء العشرون] قوله تعالى: فما كان جواب قومه الآية 292
30 قوله تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا الآية 300