تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٦ - الصفحة ٧٩
«ففهمناها سليمان» عطف على يحكمان فإنه في حكم الماضي وقرئ فأفهمناها والضمير والضمير للحكومة أو الفتيا روى أنه دخل على داود عليه السلام رجلان فقال أحدهما إن غنم هذا دخلت في حرثى ليلا فأفسدته فقضى له بالغنم فخرجا فمرا على سليمان عليه السلام فأخبراه بذلك فقال غير هذا أرفق بالفريقين فسمعه داود فدعاه فقال له بحق البنوة والأبوة إلا أخبرتني بالذي أرفق بالفريقين فقال أرى أن تدفع الغنم إلى صاحب الأرض لينتفع بدرها ونسلها وصوفها والحرث إلى أرباب الغنم ليقوموا عليه حتى يعود إلى ما كان ثم بترادا فقال القضاء ما قضيت وأمضى الحكم بذلك والذي عندي أن حكمها عليه السلام كان بالاجتهاد فإن قول سليمان عليه السلام غير هذا أرفق بالفريقين ثم قوله أرى أن تدفع الخ صريح في أنه ليس بطريق الوحي وإلا لبت القول بذلك ولما ناشده داود عليهما السلام لإظهار ما عنده بل وجب عليه أن يظهره بدء أو حرم عليه كتمه ومن ضرورته أن يكون القضاء السابق أيضا كذلك ضرورة استحالة نقض حكم النص بالاجتهاد بل أقول والله تعالى أعلم أن رأى سليمان عليه السلام استحسان كما ينبئ عنه قوله أرفق بالفريقين ورأى داود عليه السلام قياس كما أن العبد إذا جنى على النفس يدفعه المولى عند أبي حنيفة إلى المجنى عليه أو يفديه وببيعه في ذلك أو يفديه عند الشافعي وقد روى أنه لم يكن بين قيمة الحرث وقيمة الغنم تفاوت واما سليمان عليه السلام فقد استحسن حيث جعل الانتفاع بالغنم بإزاء ما فات من الانتفاع بالحرث من غير أن يزول ملك المالك عن الغنم وأوجب على صاحب الغنم أن يعمل في الحرث إلى أن يزول الضرر الذي أتاه من قبله كما قال أصحاب الشافعي فيمن عصب عبدا فأبق منه أنه يضمن القيمة فينتفع بها المغصوب منه بإزاء ما فوته الغاصب من المنافع فإذا ظهر الآبق ترادا وفي قوله تعالى ففهمناها سليما دليل على رجحان قوله ورجوع داود عليه السلام إليه مع أن الحكم المبنى على الإجتهاد لا ينقض باجتهاد آخر وإن كان أقوى منه لما أن ذلك من خصائص شريعتنا على أنه ورد في الأخبار أن داود عليه السلام لم يكن بت الحم في ذلك حتى سمع من سليمان ما سمع وأما حكم المسئلة في شريعتنا فعند أبي حنيفة رحمه الله تعالى لا ضمان إن لم يكن معها سائق أو قائد وعند الشافعي يجب الضمان ليلا لا نهارا وقوله تعالى «وكلا آتينا حكما وعلما» لدفع ما عسى يوهمه تخصيص سليمان عليه السلام بالتفهيم من عدم كون حكم داود عليه السلام حكما شرعيا أي وكل واحد منهما آتينا حكما وعلما كثيرا لا سليمان وحده وهذا إنما يدل على خطأ المجتهد لا يقدح في كونه مجتهدا وقيل بل على أن كل مجتهد مصيب وهو مخالف لقوله تعالى ففهمناها سليمان ولولا النقل لاحتمل توافقهما ما على أن قوله تعالى ففهمناها سليمان لإظهار ما تفضل عليه في صغره فإنه عليه السلام كان حينئذ ابن إحدى عشرة سنة «وسخرنا مع داود الجبال» شروع في بيان ما يختص بكل منهما من كرامته تعالى إثر بيان كرامته العامة لهما «يسبحن» أي يقدسن الله عز وجل معه بصوت يتمثل له أو يخلق الله تعالى فيها الكلام وقيل يسرن معه بأن السباحة
(٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (سورة طه) قوله تعالى: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى. 2
2 قوله تعالى: منها خلقناكم وفيها نعيدكم الآية. 22
3 قوله تعالى: وما أعجلك عن قومك يا موسى. 33
4 قوله تعالى: وعنت الوجوه للحي القيوم الآية. 43
5 (سورة الأنبياء - الجزء السابع عشر) قوله تعالى: اقترب للناس حسابهم الآية. 53
6 قوله تعالى: ومن يقل منهم أني إله الآية. 64
7 قوله تعالى: وقد آتينا إبراهيم رشده الآية. 72
8 قوله تعالى: وأيوب إذ نادى ربه الآية. 81
9 (سورة الحج) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الآية. 91
10 قوله تعالى: هذان خصمان اختصموا في ربهم الآية. 101
11 قوله تعالى: إن الله يدافع عن الذين آمنوا الآية. 108
12 قوله تعالى: ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به الآية. 116
13 (سورة المؤمنون - الجزء الثامن عشر) قوله تعالى: قد أفلح المؤمنون. 133
14 قوله تعالى: هيهات هيهات لما توعدون. 134
15 قوله تعالى: ولو رحمناهم الآية. 145
16 (سورة النور) قوله تعالى: سورة أنزلناها وفرضناها الآية. 155
17 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا الآية. 164
18 قوله تعالى: الله نور السماوات والأرض الآية. 175
19 قوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم الآية. 188
20 (سورة الفرقان) قوله تعالى: تبارك الذي نزل الفرقان الآية 200
21 [الجزء التاسع عشر] قوله تعالى: وقال الذين لا يرجون لقاءنا الآية 210
22 قوله تعالى: وهو الذي مرج البحرين الآية. 225
23 (سورة الشعراء) قوله تعالى: طسم تلك آيات الكتاب المبين. 233
24 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى الآية 244
25 قوله تعالى: قالوا أنؤمن لك الآية 254
26 أوفوا الكيل ولا تكونوا الآية 262
27 (سورة النمل) قوله تعالى: طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين. 271
28 قوله تعالى: قال سننظر أصدقت الآية. 282
29 [الجزء العشرون] قوله تعالى: فما كان جواب قومه الآية 292
30 قوله تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا الآية 300