والنار محيطة به فناداه يا إبراهيم هل تسطيع أن تخرج منها قال نعم قال فقم فأخرج فقام يمشي فخرج منها فاستقبله نمرود وعظمه وقال من الرجل الذي رأيته معك قال ذلك ملك الظل ارسله ربى ليؤنسني فقال إني مقرب إلى إلهك قربانا لما رأيت من قدرته وعزته فيما صنع بك فقال عليه السلام لا يقبل الله منك ما دمت على دينك هذا قال لا أستطيع ترك ملكي ولكن سوف أذبح له أربعة آلاف بقرة فذبحها وكف عن إبراهيم عليه السلام وكان إذ ذاك ابن ست عشرة سنة وهذا كما ترى من أبدع المعجزات فإن انقلاب النار هواء طيبا وإن لم يكن بدعا من قدرة الله عز وجل لكن وقوع ذلك على هذه الهيئة مما يخرق العادات وقيل كانت النار على حالها لكنه تعالى دفع عنه عليه السلام إذاها كما تراه في السمندل كما يشعر به ظاهر قوله تعالى على إبراهيم «وأرادوا به كيدا» مكرا عظيما في الإضرار به «فجعلناهم الأخسرين» أي أخسر من كل خاسر حيث عاد سعيهم في إطفاء نور الحق برهانا قاطعا على أنه عليه السلام على الحق وهم على الباطل وموجبا لارتفاع درجته واستحقاقهم لأشد العذاب «ونجيناه ولوطا إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين» أي من العراق إلى الشام وبركاته العامة أن أكثر الأنبياء بعثوا فيه فانتشرت في العالمين شرائعهم التي هي مبادى الكمالات والخيرات الدينية والدنيوية وقيل كثرة النعم والخصب الغالب روى انه عليه السلام نزل بفلسطين ولوط عليه السلام بالمؤتفكة وبينهما مسيرة يوم وليلة «ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة» أي عطية فهي حال منهما أو ولد ولد أو زيادة على ما سأل وهو إسحق فتختص بيعقوب ولا لبس فيه للقرينة الظاهرة «وكلا» أي كل واحد من هؤلاء الأربعة لا بعضهم دون بعض «جعلنا صالحين» بأن وفقناهم للصلاح في الدين والدنيا فصاروا كاملين «وجعلناهم أئمة» يقتدى بهم في أمور الدين إجابة لدعائه عليه السلام بقوله ومن ذريتي «يهدون» أي الأمة إلى الحق «بأمرنا» لهم بذلك وإرسالنا إياهم حتى صاروا مكملين «وأوحينا إليهم فعل الخيرات» ليحثوهم عليه فيتم كمالهم بانضمام العمل إلى العلم وأصله ان تفعل الخيرات ثم فعلا الخيرات وكذا قوله تعالى «وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة» وهو من عطف الخاص على العام دلالة على فضله وإنافته وحذفت تاء الإقامة المعوضة من إحدى الألفين لقيام المضاف إليه مقامه «وكانوا لنا» خاصة دون غيرنا «عابدين» لا يخطر ببالهم غير عبادتنا
(٧٧)