تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٦ - الصفحة ٦١
وقع جوابا عما نشأ مما قبله كأنه قيل ماذا يصنعون في عباداتهم أو كيف يعبدون فقيل يسبحون ألخ أوحال من فاعل يستحسرون وكذا قوله تعالى «لا يفترون» أي لا يتخلل تسبيحهم فترة أصلا بفراغ أو بشغل آخر «أم اتخذوا آلهة» حكاية لجناية أخرى من جناياتهم بطريق الإضراب والانتقال من فن إلى فن آخر من التوبيخ إثر تحقيق الحق ببيان انه تعالى خلق جميع المخلوقات على منهاج الحكمة وأنهم قاطبة تحت ملكوته وقهره وأن عباده مذعنون لطاعته ومثابرون على عبادته منزهون له عن كل مالا يليق بشأنه من الأمور التي من جملتها الأنداد ومعنى الهمزة في أم المنقطعة إنكار الواقع وقوله تعالى «من الأرض» متعلق باتخذوا أو بمحذوف هو صفة لآلهة وأيا ما كان فالمراد هو التحقير لا التخصيص وقوله تعالى «هم ينشرون» أي يبعثون الموتى صفة لآلهة وهو الذي يدور عليه الإنكار والتجهيل والتشنيع لا نفس الإتخاذ فإنه واقع لا محالة اي بل اتخذوا آلهة من الأرض هم خاصة مع حقارتهم وجماديتهم ينشرون الموتى كلا فإن ما اتخذوها آلهة بمعزل من ذلك وهم وإن لم يقولوا بذلك صريحا لكنهم حيث ادعوا لها الإلهية فكأنهم ادعوا لها الإنشار ضرورة أنه من الخصائص الإلهية حتما ومعنى التخصيص في تقديم الضمير ما أشير إليه من التنبيه على كمال مباينة حالهم للإنشار الموجبة لمزيد الإنكار كما في قوله تعالى أفي الله شك وقوله تعالى أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون فإن تقديم الجار والمجرور للتنبيه على كمال مباينة أمره تعالى لأن يشك فيه ويستهزأ به ويجوز أن يجعل ذلك من مستتبعات ادعائهم الباطل لأن الألوهية مقتضية للاستقلال بالإبداء والإعادة فحيث ادعوا للأصنام الآلهية فكأنهم ادعوا لها الاستقلال بالإنشار كما أنهم جعلوا بذلك مدعين لأصل الإنشار «لو كان فيهما آلهة إلا الله» إبطال لتعدد الإله بإقامة البرهان على انتفائه بل على استحالته وإيراد الجمع لوروده إثر إنكار اتخاذ الآلهة لا لأن للجمعية مدخلا في الإستدلال وكذا فرض كونها فيهما وإلا بمعنى غير على أنها صفة لآلهة ولا مساغ للاستثناء لاستحالة شمول ما قبلها لما بعدها وإفضائه إلى فساد المعنى لدلالته حينئذ على أن الفساد لكونها فيهما بدونه تعالى ولا للرفع على البدل لأنه متفرع على الاستثناء ومشروط بأن يكون في كلام غير موجب أي لو كان في السماوات والأرض آلهة غير الله كما هو اعتقادهم الباطل «لفسدتا» اي لبطلتا بما فيهما جميعا وحيث انتفى التالي علم انتفاء المقدم قطعا بيان الملازمة أن الإلهية مستلزمة للقدرة على الاستبداد بالتصرف فيهما على الإطلاق تغييرا وتبديلا وإيجادا وإعداما وإحياء وإماتة فبقاؤهما على ما هما عليه إما بتأثير كل منها وهو محال لاستحالة وقوع المعلول المعين بعلل متعددة وإما بتأثير واحد منها فالبواقي بمعزل من الإلهية قطعا واعلم ان جعل التالي فسادهما بعد وجودهما لما أنه اعتبر في المقدم تعدد الآلهة فيهما وإلا فالبرهان يقضى باستحالة التعدد على الإطلاق فإنه لو تعدد الإله فإن توافق الكل في المراد تطاردت عليه القدر وإن تخالفت
(٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (سورة طه) قوله تعالى: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى. 2
2 قوله تعالى: منها خلقناكم وفيها نعيدكم الآية. 22
3 قوله تعالى: وما أعجلك عن قومك يا موسى. 33
4 قوله تعالى: وعنت الوجوه للحي القيوم الآية. 43
5 (سورة الأنبياء - الجزء السابع عشر) قوله تعالى: اقترب للناس حسابهم الآية. 53
6 قوله تعالى: ومن يقل منهم أني إله الآية. 64
7 قوله تعالى: وقد آتينا إبراهيم رشده الآية. 72
8 قوله تعالى: وأيوب إذ نادى ربه الآية. 81
9 (سورة الحج) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الآية. 91
10 قوله تعالى: هذان خصمان اختصموا في ربهم الآية. 101
11 قوله تعالى: إن الله يدافع عن الذين آمنوا الآية. 108
12 قوله تعالى: ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به الآية. 116
13 (سورة المؤمنون - الجزء الثامن عشر) قوله تعالى: قد أفلح المؤمنون. 133
14 قوله تعالى: هيهات هيهات لما توعدون. 134
15 قوله تعالى: ولو رحمناهم الآية. 145
16 (سورة النور) قوله تعالى: سورة أنزلناها وفرضناها الآية. 155
17 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا الآية. 164
18 قوله تعالى: الله نور السماوات والأرض الآية. 175
19 قوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم الآية. 188
20 (سورة الفرقان) قوله تعالى: تبارك الذي نزل الفرقان الآية 200
21 [الجزء التاسع عشر] قوله تعالى: وقال الذين لا يرجون لقاءنا الآية 210
22 قوله تعالى: وهو الذي مرج البحرين الآية. 225
23 (سورة الشعراء) قوله تعالى: طسم تلك آيات الكتاب المبين. 233
24 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى الآية 244
25 قوله تعالى: قالوا أنؤمن لك الآية 254
26 أوفوا الكيل ولا تكونوا الآية 262
27 (سورة النمل) قوله تعالى: طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين. 271
28 قوله تعالى: قال سننظر أصدقت الآية. 282
29 [الجزء العشرون] قوله تعالى: فما كان جواب قومه الآية 292
30 قوله تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا الآية 300