المحض أن المفيدة له كأنه قيل إن لك فيها عدم ظمئك على التحقيق «فوسوس إليه الشيطان» أي أنهى إليه وسوسته أو أسرها إليه «قال» إما بدل من وسوس أن استئناف وقع وجوابا عن سؤال نشأ منه كأنه قيل فماذا قال في وسوسته فقيل قال «يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد» أي شجرة من أكل منها خلد ولم يمت أصلا سواء كان على حاله أو بأن يكون ملكا لقوله تعالى إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين «وملك لا يبلى» أي لا يزول ولا يختل بوجه من الوجوه «فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما» قال ابن عباس رضي الله عنهما عريا عن النور الذي كان الله تعالى ألبسهما حتى بدت فروجهما «وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة» قد مر تفسيره في سورة الأعراف «وعصى آدم ربه» بما ذكر من أكل الشجرة «فغوى» ضل عن مطلوبه الذي هو الخلود أو عن المأمور به أو عن الرشد حيث اغتر بقول العدو العدو وقرئ فغوى من غوى الفصيل إذا اتخم من اللبن وفي وصفه عليه السلام بالعصيان والغواية مع صغر زلته تعظيم لها وزجر بليغ لأولاده عن أمثالها «ثم اجتباه ربه» أي اصطفاه وقربه إليه بالجمل على التوبة والتوفيق لها من اجتبى الشيء بمعنى جباه لنفسه أي جمعه كقولك اجتمعته أو من جبى إلى كذا فاجتبيته مثل جليب على العروس فاجتليتها وأصل الكلمة الجمع وفي التعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إلى ضميره عليه السلام مزيد تشريف له عليه السلام «فتاب عليه» أي قبل توبته حين تاب هو وزوجته قائلين ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين وإفراده عليه السلام بالاجتباء وقبول التوبة قد مر وجهه «وهدى» أي إلى الثبات على التوبة والتمسك بأسباب العصمة «قال» استئناف مبنى على السؤال نشأ من الإخبار بأنه تعالى قبل توبته وهداه كأنه قيل فماذا أمره تعالى بعد ذلك فقيل قال له ولزوجته «اهبطا منها جميعا» أي انزلا من الجنة إلى الأرض وقوله تعالى «بعضكم لبعض عدو» حال من ضمير المخاطب في اهبطا والجمع لما أنهما أصل الذرية ومنشأ الأولاد أي متعادين في أمر المعاش كما علي الناس من التجاذب والتحارب «فإما يأتينكم مني هدى» من كتاب ورسول «فمن اتبع هداي» وضع الظاهر موضع المضمر مع الإضافة إلى ضميره تعالى لتشريفه والمبالغة في إيجاب اتباعه «فلا يضل» في الدنيا «ولا يشقى» في الآخرة
(٤٧)