هضما» ولا كسرا منه ينقص أو لا يخاف جزاء ظلم وهضم إذا لم يصدر عنه ظلم ولا هضم حتى يخافهما وقرئ فلا يخف على النهي «وكذلك» عطف على كذلك نقص وذلك إشارة إلى إنزال ما سبق من الآيات المتضمنة للوعيد المنبثة عما سيقع من أحوال القيامة وأهوالها أي مثل ذلك الإنزال «أنزلناه» اي القرآن كله وإضماره من غير سبق ذكره للإيذان بنباهة شأنه وكونه مركوزا في العقول حاضرا في الأذهان «قرآنا عربيا» ليفهمه العرب ويقفوا على ما فيه من النظم المعجز الدال على كونه خارجا عن طوق البشر نازلا من عند خلاق القوى والقدر «وصرفنا فيه من الوعيد» اي كررنا فيه بعض الوعيد أو بعضا من الوعيد حسبما أشير إليه آنفا «لعلهم يتقون» أي كي يتقو الكفر والمعاصي بالفعل «أو يحدث لهم ذكرا» اتعاظا واعتبارا مؤديا بالآخرة إلى الاتقاء «فتعالى الله» استعظام له تعالى ولشئونه التي يصرف عليها عباده من الأوامر والنواهي والوعد والوعيد وغير ذلك اي ارتفع بذاته وتنزه عن مماثلة المخلوقين في ذاته وصفاته وأفعاله وأحواله «الملك» النافذ أمره ونهيه الحقيق بأن يرجى وعده ويخشى وعيده «الحق» في ملكوته وألوهيته لذاته أو الثابت في ذاته وصفاته «ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك» أي يتم «وحيه» كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ألقى إليه جبريل عليه السلام الوحي يتبعه عند تلفظ كل حرف وكل كلمة لكمال اعتنائه بالتلقي والحفظ فنهى عن ذلك إثر ذكر الإنزال بطريق الاستطراد لما أن استقرار الألفاظ في الأذهان تابع لاستقرار معانيها فيها وربما يشغل التلفظ بكلمة عن سماع ما بعدها وامر باستفاضة العلم واستزادته منه تعالى فقيل «وقل» أي في نفسك «رب زدني علما» أي سل الله عز وجل زيادة العلم فإنه الموصل إلى طلبتك دون الاستعجال وقيل أنه نهى عن تبليغ ما كان مجملا قبل أن يأتي بيانه وليس بذلك فإن تبليغ المجمل وتلاوته قبل البيان مما لا ريب في صحته ومشروعيته «ولقد عهدنا إلى آدم» كلام مستأنف مسوق لتقرير ما سبق من تصريف الوعيد في القرآن وبيان ان أساس بني آدم على العصيان وعرقه راسخ في النسيان مع ما فيه من إنجاز الموعود في قوله تعالى كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق يقال عهد إليه الملك وعزم عليه وتقدم إليه إذا امره ووصاه والمعهود محذوف يدل عليه ما بعده واللام جواب قسم محذوف أي واقسم أو وبالله أو تالله لقد أمرناه ووصيناه «من قبل» اي من قبل هذا الزمان «فنسي» أي العهد ولم يعتن به حتى غفل عنه أو تركه ترك المسي عنه وقرئ فنسي أي نساه الشيطان «ولم نجد له عزما»
(٤٤)