تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٦ - الصفحة ٣٩
عليه السلام فإن مما يقع بحسب ما يتفق وقد كان رأي أن جبريل عليه السلام جاء راكبا فرسا وكان كلما رفع الفرس يديه أو رجليه على الطريق اليبس يخرج من تحته النبات في الحال فعرف أن له شأنا فأخذ من موطئه حفنة وذلك قوله تعالى «فقبضت قبضة من أثر الرسول» وقرئ من أثر فرس الرسول أي من تربة موطئ فرس الملك الذي ارسل إليك ليذهب بك إلى الطور ولعل ذكره بعنوان الرسالة للإشعار بوقوفه على ما لم يقف عليه القوم من الأسرار الإلهية تأكيدا لما صدر به مقالته والتنبيه على وقت أخذ ما اخذ والقبضة المرة من القبض أطلقت على المقبوض مرة وقرئ بضم القاف وهو اسم المقبوض كالغرفة والمضغة وقرئ فقبصت قبصة بالصاد المهملة والأول للأخذ بجميع الكف والثاني بأطراف الأصابع ونحوهما الخضم والقضم فنبذتها أي في الحلي المذابة فكان ما كان «وكذلك سولت لي نفسي» أي ما فعلته من القبض والنبذ فقوله تعالى ذلك إشارة إلى مصدر الفعل المذكور بعده ومحل كذلك في الأصل النصب على أنه مصدر تشبيهي أي نعت لمصدر محذوف والتقدير سولت لي نفسي تسويلا كائنا مثل ذلك التسويل فقدم على الفعل لإفادة القصر واعتبرت الكاف مقحمة لإفادة تأكيد ما أفاده اسم الإشارة من الفخامة فصار نفس المصدر المؤكد لا نعتا له أي ذلك التزيين البديع زيت لي نفسي ما فعلته لا تزيينا أدنى منه ولذلك فعلته وحاصل جوابه أن ما فعله إنما صدر عنه بمحض اتباع هوى النفس الأمارة بالسوء وإغوائها لا بشيء آخر من البرهان العقلي أو الإلهام الإلهي فعند ذلك «قال» عليه السلام «فاذهب» أي من بين الناس وقوله تعالى «فإن لك في الحياة» الخ تعليل لموجب الأمر وفي متعلقة بالاستقرار في لك أي ثابت لك في الحياة أو بمحذوف وقع حالا من الكاف والعامل معنى الاستقرار في الظرف المذكور لاعتماده على ما هو مبتدأ معنى لا بقوله تعالى «أن تقول لا مساس» لمكان أي أن ثابت لك كائنا في الحياة أي مدة حياتك أن تفارقهم مفارقة كلية لكن لا بحسب الاختيار بموجب التكليف بل بحسب الاضطرار الملجئ إليها وذلك أنه تعالى رماه بداء عقام لا يكاد يمس أحدا أو بمسه أحد كائنا من كان إلا حما من ساعته حمى شديدة فتحامى الناس وتحاموه وكان يصيح بأقصى طوقه لا مساس وحرم عليهم ملاقاته ومواجهته ومكالمته ومبايعته وغيرها مما يعتاد جريانه فيما بين الناس من المعاملات وصار بين الناس أوحش من القاتل اللاجئ إلى الحرم ومن الوحش النافر في البرية ويقال إن قومه باق فيهم تلك الحالة إلى اليوم وقرئ لا مساس كفجار وهو علم للمسة ولعل السر في مقابلة جنايته بتلك العقوبة خاصة ما بينهما من مناسة التضاد فإنه لما أنشأ الفتنة بما كانت ملابسته سببا لحياة الموات عوقب مما يضاده حيث جعلت ملابسته سببا للحمى التي هي من أسباب موت الأحياء «وإن لك موعدا» أي في الآخرة «لن تخلفه» اي لن يخلفك الله ذلك الوعد بل ينجزه لك البتة بعد ما عاقبك في الدنيا وقرئ بكسر اللام والأظهر أنه من أخلفت الموعد أي وجدته خلفا وقرئ
(٣٩)
مفاتيح البحث: القتل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (سورة طه) قوله تعالى: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى. 2
2 قوله تعالى: منها خلقناكم وفيها نعيدكم الآية. 22
3 قوله تعالى: وما أعجلك عن قومك يا موسى. 33
4 قوله تعالى: وعنت الوجوه للحي القيوم الآية. 43
5 (سورة الأنبياء - الجزء السابع عشر) قوله تعالى: اقترب للناس حسابهم الآية. 53
6 قوله تعالى: ومن يقل منهم أني إله الآية. 64
7 قوله تعالى: وقد آتينا إبراهيم رشده الآية. 72
8 قوله تعالى: وأيوب إذ نادى ربه الآية. 81
9 (سورة الحج) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الآية. 91
10 قوله تعالى: هذان خصمان اختصموا في ربهم الآية. 101
11 قوله تعالى: إن الله يدافع عن الذين آمنوا الآية. 108
12 قوله تعالى: ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به الآية. 116
13 (سورة المؤمنون - الجزء الثامن عشر) قوله تعالى: قد أفلح المؤمنون. 133
14 قوله تعالى: هيهات هيهات لما توعدون. 134
15 قوله تعالى: ولو رحمناهم الآية. 145
16 (سورة النور) قوله تعالى: سورة أنزلناها وفرضناها الآية. 155
17 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا الآية. 164
18 قوله تعالى: الله نور السماوات والأرض الآية. 175
19 قوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم الآية. 188
20 (سورة الفرقان) قوله تعالى: تبارك الذي نزل الفرقان الآية 200
21 [الجزء التاسع عشر] قوله تعالى: وقال الذين لا يرجون لقاءنا الآية 210
22 قوله تعالى: وهو الذي مرج البحرين الآية. 225
23 (سورة الشعراء) قوله تعالى: طسم تلك آيات الكتاب المبين. 233
24 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى الآية 244
25 قوله تعالى: قالوا أنؤمن لك الآية 254
26 أوفوا الكيل ولا تكونوا الآية 262
27 (سورة النمل) قوله تعالى: طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين. 271
28 قوله تعالى: قال سننظر أصدقت الآية. 282
29 [الجزء العشرون] قوله تعالى: فما كان جواب قومه الآية 292
30 قوله تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا الآية 300