تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٦ - الصفحة ٣٥
«غضبان أسفا» لا باعتبار نفسه وإن كانت داخلة عليه حقيقة فإن كون الرجوع بعد تمام الأربعين أمر مقرر مشهور لا يذهب الوهم إلى كونه عند الإخبار بالفتنة كما إذا قلت شايعت الحجاج ودعوت لهم بالسلامة فرجعوا سالمين فإن أحدا لا يرتاب في أن المراد رجوعهم المعتاد لا رجوعهم إثر الدعاء وأن سببية الدعاء باعتبار وصف السلامة لا باعتبار نفس الرجوع والأسف الشديد الغضب وقيل الحزين «قال» استئناف مبني على سؤال ناشيء من حكاية رجوعه كذلك كأنه قيل فماذا فعل بهم فقيل قال «يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا» بأن يعطيكم التوراة فيها ما فيها من النور والهدى والهمزة لإنكار عدم الوعد ونفيه وتقرير وجوده على أبلغ وجه وآكدة أي وعدكم بحيث لا سبيل لكم إلى إنكاره والفاء في قوله تعالى «أفطال عليكم العهد» أي الزمان للعطف على مقدر والهمزة لإنكار المعطوف ونفيه فقط أي أوعدكم ذلك فطال زمان الإنجاز فأخطأتم بسبيه «أم أردتم أن يحل» أي يجب «عليكم غضب» شديد لا يقادر قدره كائن «من ربكم» أي من مالك أمركم على الإطلاق «فأخلفتم موعدي» أي وعدكم إياي بالثبات على ما أمرتكم به إلى أن أرجع من الميقات على إضافة المصدر إلى مفعوله للقصد إلى زيادة تقبيح حالهم فإن إخلافهم الوعد الجاري فيما بينهم وبينه عليه السلام من حيث إضافته إليه عليه السلام أشنع منه من حيث إضافته إليهم والفاء لترتيب ما بعدها على كل واحد من شقي الترديد على سبيل البدل كأنه قيل أنسيتم الوعد بطول العهد فأخلفتموه خطأ أم أردتم حلول الغضب عليكم فأخلفتموه عمدا وأما جعل الموعد مضافا إلى فاعله وحمل إخلافه على معنى وجدان الخلف فيه أي فوجدتم الخلف في موعدي لكم بالعود بعد الأربعين فما لا يساعده السباق ولا السياق أصلا «قالوا ما أخلفنا موعدك» أي وعدنا إياك الثابت على ما أمرتنا به وإيثاره على أن يقال موعدنا على إضافة المصدر إلى فاعله لما مر آنفا «بملكنا» أي بأن ملكنا أمورنا يعنون أنا لو خلينا وأمورنا ولم يسول لنا السامري ما سوله مع مساعدة بعض الأحوال لما أخلفناه وقرئ بملكنا بكسر الميم وضمها والكل لغات في مصدر ملكت الشيء «ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم» استدراك عما سبق واعتذار عما فعلوا ببيان منشأ الخطأ وقرئ حلمنا بالتخفيف أي حملنا أحمالا من حلي القبط التي استعرناها منهم حين هممنا بالخروج من مصر باسم العرس وقيل كانوا استعاروها لعبد كان لهم ثم لم يردوها إليهم عند الخروج مخافة أن يقفوا على أمرهم وقيل هي ما ألقاه البحر على الساحل بعد إغراقهم فأخذوها ولعل تسميتهم لها أوزارا لأنها تبعات وآثام حيث لم تكن الغنائم تحل حينئذ «فقذفناها» أي في النار رجاء للخلاص عن ذنبها «فكذلك» أي فمثل ذلك القذف «ألقى السامري» أي ما كان معه منها وقد كان أراهم أنه أيضا يلقى ما كان معه من الحلي فقالوا ما قالوا على زعمهم وإما كان الذي ألقاه التربة التي أخذها من أثر الرسول كما سيأتي روى أنه قال لهم إنما تأخر موسى عنكم لما معكم من الأوزار فالرأي أن نحفر
(٣٥)
مفاتيح البحث: الغضب (2)، الغنيمة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (سورة طه) قوله تعالى: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى. 2
2 قوله تعالى: منها خلقناكم وفيها نعيدكم الآية. 22
3 قوله تعالى: وما أعجلك عن قومك يا موسى. 33
4 قوله تعالى: وعنت الوجوه للحي القيوم الآية. 43
5 (سورة الأنبياء - الجزء السابع عشر) قوله تعالى: اقترب للناس حسابهم الآية. 53
6 قوله تعالى: ومن يقل منهم أني إله الآية. 64
7 قوله تعالى: وقد آتينا إبراهيم رشده الآية. 72
8 قوله تعالى: وأيوب إذ نادى ربه الآية. 81
9 (سورة الحج) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الآية. 91
10 قوله تعالى: هذان خصمان اختصموا في ربهم الآية. 101
11 قوله تعالى: إن الله يدافع عن الذين آمنوا الآية. 108
12 قوله تعالى: ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به الآية. 116
13 (سورة المؤمنون - الجزء الثامن عشر) قوله تعالى: قد أفلح المؤمنون. 133
14 قوله تعالى: هيهات هيهات لما توعدون. 134
15 قوله تعالى: ولو رحمناهم الآية. 145
16 (سورة النور) قوله تعالى: سورة أنزلناها وفرضناها الآية. 155
17 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا الآية. 164
18 قوله تعالى: الله نور السماوات والأرض الآية. 175
19 قوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم الآية. 188
20 (سورة الفرقان) قوله تعالى: تبارك الذي نزل الفرقان الآية 200
21 [الجزء التاسع عشر] قوله تعالى: وقال الذين لا يرجون لقاءنا الآية 210
22 قوله تعالى: وهو الذي مرج البحرين الآية. 225
23 (سورة الشعراء) قوله تعالى: طسم تلك آيات الكتاب المبين. 233
24 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى الآية 244
25 قوله تعالى: قالوا أنؤمن لك الآية 254
26 أوفوا الكيل ولا تكونوا الآية 262
27 (سورة النمل) قوله تعالى: طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين. 271
28 قوله تعالى: قال سننظر أصدقت الآية. 282
29 [الجزء العشرون] قوله تعالى: فما كان جواب قومه الآية 292
30 قوله تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا الآية 300