تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٦ - الصفحة ٣٧
العقول اي وبالله لقد نصح لهم هارون ونبههم على كنه الأمر من قبل رجوع موسى عليه السلام إليهم وخطابه إياهم بما ذكر من المقالات وقيل من قبل قول السامري كأنه عليه السلام أو وما أبصره حين طلع من الحفيرة توهم منهم الافتتان به فسارع إلى تحذيرهم وقال لهم «يا قوم إنما فتنتم به» اي أوقعتم في الفتنة بالعجل أو أضللتم به على توجيه القصر المستفاد من كلمة إنما إلى نفس الفعل بالقياس إلى مقابله الذي يدعيه القوم لا إلى قيده المذكور بالقياس إلى قيد آخر على معنى إنما فعل بكم الفتنة لا الإرشاد إلى الحق لا على معنى إنما فتنتم بالعجل لا بغيره وقوله تعالى «وإن ربكم الرحمن» بكسر إن عطفا على إنما إرشاد لهم إلى الحق إثر زجرهم عن الباطل والتعرض لعنوان الربوبية والرحمة للاعتناء باستمالتهم إلى الحق كما أن التعرض لوصف العجل للاهتمام بالزجر عن الباطل أي أن ربكم المستحق للعبادة هو الرحمن لا غير والفاء في قوله تعالى «فاتبعوني» لترتيب ما بعدها على ما قبلها من مضمون الجملتين اي إذا كان الأمر كذلك فاتبعوني في الثبات على الدين «وأطيعوا أمري» هذا واتركوا عبادة ما عرفتم شأنه «قالوا» في جواب هارون عليه السلام «لن نبرح عليه» على العجل وعبادته «عاكفين» مقيمين «حتى يرجع إلينا موسى» جعلوا رجوعه عليه السلام إليهم غاية لعكوفهم على عبادة العجل لكن لا على طريق الوعد بتركها عند رجوعه عليه السلام بل بطريق التعليل والتسويق وقد دسوا تحت ذلك أنه عليه السلام لا يرجع بشيء مبين تعويلا على مقالة السامري روى أنهم لما قالوه اعتزلهم هارون عليه السلام في اثنى عشر ألفا وهم الذين لم يعبدوا العجل فلما رجع موسى عليه السلام وسمع الصياح وكانوا يرقصون حول العجل قال للسبعين الذين كانوا معه هذا صوت الفتنة فقال لهم ما قال وسمع منهم ما قالوا وقوله تعالى «قال» استئناف مبني على سؤال نشأ من حكاية جوابهم لهارون عليه السلام كأنه قيل فماذا قال موسى لهارون عليهما السلام حين سمع جوابهم له وهل رضي بسكوته بعد ما شاهد منهم ما شاهد فقيل قال له وهو مغتاظ قد أخذ بلحيته ورأسه «يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا» بعبادة العجل وبلغوا من المكابرة إلى أن شافهوك بتلك المقالة الشنعاء أن لا تتبعر أي أن تتبعني على أن لا تريدة وهو مفعول ثان لمنع وهو عامل في إذ أي شيء منعك حين رؤيتك لضلالهم أن تتبعني في الغضب لله تعالى والمقاتلة مع من كفر به وقيل المعنى ما حملك على أن لا تتبعني فإن المنع عن الشيء مستلزم للحمل على مقابلة وقيل ما منعك أن تلحقني وتخبرني بضلالهم فتكون مفارقتك مزجرة لهم وفيه أن نصائح هارون عليه السلام حيث لم تزجرهم عما كانوا عليه فلأن لا تزجرهم مفارقته إياهم عنه أولى والاعتذار بأنهم إذا علموا أنه يلحقه ويخبره القصة يخافون رجوع موسى عليه السلام فينزجروا عن ذلك بمعزل من حيز القبول كيف لا وهم قد صرحوا بأنهم عاكفون عليه إلى حين رجوعه عليه السلام
(٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (سورة طه) قوله تعالى: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى. 2
2 قوله تعالى: منها خلقناكم وفيها نعيدكم الآية. 22
3 قوله تعالى: وما أعجلك عن قومك يا موسى. 33
4 قوله تعالى: وعنت الوجوه للحي القيوم الآية. 43
5 (سورة الأنبياء - الجزء السابع عشر) قوله تعالى: اقترب للناس حسابهم الآية. 53
6 قوله تعالى: ومن يقل منهم أني إله الآية. 64
7 قوله تعالى: وقد آتينا إبراهيم رشده الآية. 72
8 قوله تعالى: وأيوب إذ نادى ربه الآية. 81
9 (سورة الحج) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الآية. 91
10 قوله تعالى: هذان خصمان اختصموا في ربهم الآية. 101
11 قوله تعالى: إن الله يدافع عن الذين آمنوا الآية. 108
12 قوله تعالى: ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به الآية. 116
13 (سورة المؤمنون - الجزء الثامن عشر) قوله تعالى: قد أفلح المؤمنون. 133
14 قوله تعالى: هيهات هيهات لما توعدون. 134
15 قوله تعالى: ولو رحمناهم الآية. 145
16 (سورة النور) قوله تعالى: سورة أنزلناها وفرضناها الآية. 155
17 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا الآية. 164
18 قوله تعالى: الله نور السماوات والأرض الآية. 175
19 قوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم الآية. 188
20 (سورة الفرقان) قوله تعالى: تبارك الذي نزل الفرقان الآية 200
21 [الجزء التاسع عشر] قوله تعالى: وقال الذين لا يرجون لقاءنا الآية 210
22 قوله تعالى: وهو الذي مرج البحرين الآية. 225
23 (سورة الشعراء) قوله تعالى: طسم تلك آيات الكتاب المبين. 233
24 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى الآية 244
25 قوله تعالى: قالوا أنؤمن لك الآية 254
26 أوفوا الكيل ولا تكونوا الآية 262
27 (سورة النمل) قوله تعالى: طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين. 271
28 قوله تعالى: قال سننظر أصدقت الآية. 282
29 [الجزء العشرون] قوله تعالى: فما كان جواب قومه الآية 292
30 قوله تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا الآية 300