سبحانه وتعالى وهذا جواب منهم لتوبيخ فرعون بقوله آمنتم له قبل أن آذن لكم وقيل هو قسم محذوف الجواب لدلالة المذكور عليه أي وحق الذي فطرنا لا نؤثرك الخ ولا مساغ لكون المذكور جوابا له عند من يجوز تقديم الجواب أيضا لما أن القسم لا يجاب بلن إلا على شذوذ وقوله تعالى «فاقض ما أنت قاض» جواب عن تهديده قوله لأقطعن الخ أي فاصنع ما أنت صانعه أو فاحكم ما أنت حاكم به وقوله تعالى «إنما تقضي هذه الحياة الدنيا» مع ما بعده تعليل لعدم المبالاة المستفاد مما سبق من الأمر بالقضاء أي إنما تصنع ما تهواه أو تحكم بما تراه في هذه الحياة الدنيا فحسب وما لنا من رغبة في عذبها ولا رهبة من عذابها «إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا» التي اقترفنا فيها من الكفر والمعاصي ولا يؤاخذنا بها في الدار الآخرة لا ليمتعنا بتلك الحياة الفانية حتى نتأثر بما أوعدتنا به من القطع والصلب وقوله تعالى «وما أكرهتنا عليه من السحر» عطف على خطايانا أي ويغفر لنا السحر الذي علمناه في معارضة موسى عليه الصلاة والسلام بإكراهك وحشرك إيانا من المدائن القاصية خصوه بالذكر مع اندراجه في خطاياهم إظهارا لغاية نفرتهم عنه ورغبتهم في مغفرته وذكر الإكراه للإيذان بأنه مما يجب أن يفرد بالاستغفار منه مع صدوره عنهم بالإكراه وفيه نوع اعتذار لاستجلاب المغفرة وقيل أرادوا الإكراه على تعلم السحر حيث روى أن رؤساءهم كانوا اثنين وسبعين اثنان منهم من القبط والباقي من بني إسرائيل وكان فرعون أكرههم على تعلم السحر وقيل إنه أكرههم على المعارضة حيث روى أنهم قالوا لفرعون أرنا موسى نائما ففعل فوجدوه تحرسه عصاه فقالوا ما هذا بسحر فإن الساحر إذا نام بطل سحره فأبى إلا أن يعارضوه ويأباه تصديهم للمعارضة على الرغبة والنشاط كما يعرب عنه قولهم أئن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين وقولهم بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون «والله خير» أي في خد ذاته وهو ناظر إلى قولهم والذي فطرنا «وأبقى» أي جزاء ثوابا كان أو عذابا خير ثوابا وأبقى عذابا وقوله تعالى «أنه» إلى آخر الشرطيتين تعليل من جهتهم لكونه تعالى خيرا وأبقى جزاء وتحقيق له وإبطال لما ادعاه فرعون وتصديرهما بضمير الشأن للتنبيه على فخامة مضمونهما لأن مناط وضع الضمير موضعه ادعاء شهدته المغنية عن ذكره مع ما فيه من زيادة التقرير فإن الضمير لا يفهم منه من أول الأمر إلا شأن مبهم له خطر فيبقى الذهن مترقبا لما يعقبه فيتمكن عند وروده له فضل تمكن كأنه قيل إن الشأن الخطير هذا أي قوله تعالى «من يأت ربه مجرما» بأن مات على الكفر والمعاصي «فإن له جهنم لا يموت فيها» فينتهي عذابه وهذا تحقيق لكون عذابه أبقى «ولا يحيى» حياة ينتفع بها «ومن يأته مؤمنا» به تعالى وبما جاء من عنده من المعجزات التي من جملتها ما شاهدناه «قد عمل الصالحات» الصالحة كالحسنة جارية مجرى الاسم ولذلك لا تذكر غالبا مع
(٣٠)