تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٦ - الصفحة ٢٧٨
فيقعد عليه وحوله ستمائة ألف كرسي من ذهب وفضة فيقعد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام على كراسي الذهب والعلماء على كراسي الفضة وحولهم الناس وحول الناس الجن والشياطين وتظله الطير بأجنحتها حتى لا تقع عليه الشمس وترفع ريح الصبا البساط فتسير به مسيرة شهر ويروى أنه كان يأمر الريح العاصف تحمله ويأمر الرخاء تسيره فأوحى الله تعالى إليه وهو يسير بين السماء والأرض إني قد زدت في ملكك لا يتكلم أحد بشيء إلا ألقته الريح في سمعك فيحكى أنه مر بحراث فقال لقد أوتى آل داود ملكا عظيما فألقته الريح في أذنه فنزل ومشى إلى الحراث وقال إنما مشيت إليك لئلا تتمنى مالا تقدر عليه ثم قال لتسبيحة واحدة يقبلها الله تعالى خير مما أوتى آل داود «حتى إذا أتوا على وادي النمل» حتى هي التي يبتدأ بها الكلام ومع ذلك هي غاية لما قبلها كالتي في قوله تعالى حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل الآية وهي ههنا غاية لما ينبئ عنه قوله تعالى فهم يوزعون من السير كأنه قيل فساروا حتى إذا أتوا الخ ووادي النمل واد بالشام كثير النمل على ما قاله مقاتل رضي الله عنه وبالطائف على ما قاله كعب رضي الله عنه وقيل هو واد تسكنه الجن والنمل مراكبهم وتعدية الفعل إليه بكلمة على اما لأن إتيانهم كان من فوق وإما لأن المراد بالإتيان عليه قطعه من قولهم أتى على الشيء إذا أنفده وبلغ آخره ولعلهم أرادوا أن ينزلوا عند منتهى الوادي إذ حينئذ يخافهم ما في الأرض لا عند سيرهم في الهواء وقوله تعالى «قالت نملة» جواب إذا كأنها لما رأتهم متوجهين إلى الوادي فرت منهم فصاحت صيحة تنبهت بها ما بحضرتها من النمل لمرادها فتبعها في الفرار فشبه ذلك بمخاطبة العقلاء ومناصحتهم فأجروا مجراهم حيث جعلت هي قائلة وما عداها من النمل مقولا لهم حيث قيل «يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم» مع انه لا يمتنع أن يخلق الله تعالى فيها النطق وفيما عداها العقل والفهم وقرئ نملة يا أيها النمل بضم الميم وهو الأصل كالرجل وتسكين الميم تخفيف منه كالسبع في السبع وقرئ بضم النون والميم قيل كانت نملة عرجاء تمشي وهي تتكاوس فنادت بما قالت فسمع سليمان عليه السلام كلامها من ثلاثة أميال وقيل كان اسمها طاخية وقرئ مسكنكم وقوله تعالى «لا يحطمنكم سليمان وجنوده» نهى في الحقيقة للنمل عن التأخر في دخول مساكنهم وإن كان بحسب الظاهر نهيا له عليه الصلاة والسلام ولجنوده عن الحطم كقولهم لا أرينك ههنا فهو استئناف أو بدل من الأمر كقول من قال فقلت له ارحل لا تقيمن عندنا لا جواب له فإن النون لا تدخله في السعة وقرئ لا يحطمنكم بالنون الخفيفة وقرئ لا يحطمنكم بفتح الحاء وكسرها وأصله لا يحتطمنكم وقوله تعالى «وهم لا يشعرون» حال من فاعل يحطمنكم مفيدة لتقييد الحطم بحال عدم شعورهم بمكانهم حتى لو شعروا بذلك لم يحطموا وأرادت بذلك الإيذان بأنها عارفة بشؤون سليمان وسائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من عصمتهم عن الظلم والإيذاء وقيل هو استئناف أي فهم سليمان ما قالته وللقوم
(٢٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (سورة طه) قوله تعالى: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى. 2
2 قوله تعالى: منها خلقناكم وفيها نعيدكم الآية. 22
3 قوله تعالى: وما أعجلك عن قومك يا موسى. 33
4 قوله تعالى: وعنت الوجوه للحي القيوم الآية. 43
5 (سورة الأنبياء - الجزء السابع عشر) قوله تعالى: اقترب للناس حسابهم الآية. 53
6 قوله تعالى: ومن يقل منهم أني إله الآية. 64
7 قوله تعالى: وقد آتينا إبراهيم رشده الآية. 72
8 قوله تعالى: وأيوب إذ نادى ربه الآية. 81
9 (سورة الحج) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الآية. 91
10 قوله تعالى: هذان خصمان اختصموا في ربهم الآية. 101
11 قوله تعالى: إن الله يدافع عن الذين آمنوا الآية. 108
12 قوله تعالى: ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به الآية. 116
13 (سورة المؤمنون - الجزء الثامن عشر) قوله تعالى: قد أفلح المؤمنون. 133
14 قوله تعالى: هيهات هيهات لما توعدون. 134
15 قوله تعالى: ولو رحمناهم الآية. 145
16 (سورة النور) قوله تعالى: سورة أنزلناها وفرضناها الآية. 155
17 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا الآية. 164
18 قوله تعالى: الله نور السماوات والأرض الآية. 175
19 قوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم الآية. 188
20 (سورة الفرقان) قوله تعالى: تبارك الذي نزل الفرقان الآية 200
21 [الجزء التاسع عشر] قوله تعالى: وقال الذين لا يرجون لقاءنا الآية 210
22 قوله تعالى: وهو الذي مرج البحرين الآية. 225
23 (سورة الشعراء) قوله تعالى: طسم تلك آيات الكتاب المبين. 233
24 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى الآية 244
25 قوله تعالى: قالوا أنؤمن لك الآية 254
26 أوفوا الكيل ولا تكونوا الآية 262
27 (سورة النمل) قوله تعالى: طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين. 271
28 قوله تعالى: قال سننظر أصدقت الآية. 282
29 [الجزء العشرون] قوله تعالى: فما كان جواب قومه الآية 292
30 قوله تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا الآية 300