تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٦ - الصفحة ٢٧٦
«ولقد آتينا داود وسليمان علما» كلام مستأنف مسوق لتقرير ما سبق من أنه صلى الله عليه وسلم يلقى القرآن من لدن حكيم عليم فإن قصتهما عليهما الصلاة والسلام من جملة القرآن الكريم لقيه صلى الله عليه وسلم من لدنه تعالى كقصة موسى عليه الصلاة والسلام وتصديره بالقسم لإظهار كمال الاعتناء بتحقيق مضمونه أي آتينا كل واحد منهما طائفة من العلم لائقة به من علم الشرائع والأحكام وغير ذلك مما يختص بكل منهما كصنعة لبوس ومنطق الطير أو علما سنيا عزيزا «وقالا» أي قال كل واحد منهما شكرا لما أوتيه من العلم «الحمد لله الذي فضلنا» بما آتاناه من العلم «على كثير من عباده المؤمنين» على أن عبارة كل منهما فضلني إلا أنه عبر عنهما عند الحكاية بصيغة المتكلم مع الغير إيجازا فإن حكاية الأقوال المتعددة سواء كانت صادرة عن المتكلم أو عن غيره بعبارة جامعة للكل مما ليس بعزيز ومن الأول قوله تعالى يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا وقد مر في سورة قد أفلح المؤمنون وبهذا ظهر حسن موقع العطف بالواو إذ المتبادر من العطف بالفاء ترتب حمد كل منهما على إيتاء ما أوتى كل منهما لا على إيتاء ما أوتى نفسه فقط وقيل في العطف بالواو إشعار بأن ما قالاه بعض ما أحدث فيهما إيتاء العلم وشئ من مواجبه فأضمر ذلك ثم عطف عليه التحميد كأنه قيل ولقد آتيناهما علما فعملا به وعلمناه وعرفا حق النعمة فيه وقالا الحمد لله الآية فتأمل والكثير المفضل عليه من لم يؤت مثل علمهما وقيل من لم يؤت علما ويأباه تبيين الكثير بالمؤمنين فإن خلوهم من العلم بالمرة مما لا يمكن وفي تخصيصها الأكثر بالذكر رمز إلى أن البعض مفضلون عليهما وفيه أوضح دليل على فضل العلم وشرف أهله حيث شكرا على العلم وجعلاه أساس الفضل ولم يعتبرا دونه ما أوتيا من الملك الذي لم يؤته غيرهما وتحريض للعلماء على أن يحمدوا الله تعالى على ما آتاهم من فضله ويتواضعوا ويعتقدوا أنهم وإن فضلوا على كثير فقد فضل عليهم كثيرو فوق كل ذي علم عليم ونعما قال أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه كل الناس أفقه من عمر «وورث سليمان داود» أي النبوة والعلم أو الملك بأن قام مقامه في ذلك دون سائر بنيه وكانوا تسعة عشر «وقال» تشهيرا لنعمة الله تعالى وتنويها بها ودعاء للناس إلى التصديق بذكر المعجزات الباهرة التي أوتيها «يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء» المنطق في المتعارف كل لفظ يعبر به عما في الضمير مفردا كان أو مركبا وقد يطلق على كل ما يصوت به من المفرد والمؤلف المفيد وغير المفيد يقال نطقت الحمامة وكل صنف من أصناف الطير يتفاهم أصواته والذي علمه سليمان عليه السلام من منطق الطير هو ما يفهم بعضه من بعض من معانيه وأغراضه ويحكى أنه مر على بلبل في شجرة يحرك رأسه ويميل ذنبه فقال لأصحابه أتدرون ما يقول قالوا الله ونبيه أعلم قال
(٢٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (سورة طه) قوله تعالى: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى. 2
2 قوله تعالى: منها خلقناكم وفيها نعيدكم الآية. 22
3 قوله تعالى: وما أعجلك عن قومك يا موسى. 33
4 قوله تعالى: وعنت الوجوه للحي القيوم الآية. 43
5 (سورة الأنبياء - الجزء السابع عشر) قوله تعالى: اقترب للناس حسابهم الآية. 53
6 قوله تعالى: ومن يقل منهم أني إله الآية. 64
7 قوله تعالى: وقد آتينا إبراهيم رشده الآية. 72
8 قوله تعالى: وأيوب إذ نادى ربه الآية. 81
9 (سورة الحج) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الآية. 91
10 قوله تعالى: هذان خصمان اختصموا في ربهم الآية. 101
11 قوله تعالى: إن الله يدافع عن الذين آمنوا الآية. 108
12 قوله تعالى: ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به الآية. 116
13 (سورة المؤمنون - الجزء الثامن عشر) قوله تعالى: قد أفلح المؤمنون. 133
14 قوله تعالى: هيهات هيهات لما توعدون. 134
15 قوله تعالى: ولو رحمناهم الآية. 145
16 (سورة النور) قوله تعالى: سورة أنزلناها وفرضناها الآية. 155
17 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا الآية. 164
18 قوله تعالى: الله نور السماوات والأرض الآية. 175
19 قوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم الآية. 188
20 (سورة الفرقان) قوله تعالى: تبارك الذي نزل الفرقان الآية 200
21 [الجزء التاسع عشر] قوله تعالى: وقال الذين لا يرجون لقاءنا الآية 210
22 قوله تعالى: وهو الذي مرج البحرين الآية. 225
23 (سورة الشعراء) قوله تعالى: طسم تلك آيات الكتاب المبين. 233
24 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى الآية 244
25 قوله تعالى: قالوا أنؤمن لك الآية 254
26 أوفوا الكيل ولا تكونوا الآية 262
27 (سورة النمل) قوله تعالى: طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين. 271
28 قوله تعالى: قال سننظر أصدقت الآية. 282
29 [الجزء العشرون] قوله تعالى: فما كان جواب قومه الآية 292
30 قوله تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا الآية 300