«وهو الذي خلق من الماء بشرا» هو الماء الذي خمر به طينة آدم علية السلام أو جعله جزءا من مادة البشر ليجتمع ويسلس ويستعد لقبول الأشكال والهيئات بسهولة أو هو النطفة «فجعله نسبا وصهرا» أي قسمة قسمين ذوى نسب أي ذكورا ينتسب إليهم وذوات صهرا أي إناثا يصاهر بهن كقوله تعالى فجعل منة الزوجين الذكر والأنثى «وكان ربك قديرا» مبالغا في القدرة حيث قدر على أن يخلق من مادة واحدة بشرا ذا أعضاء مختلفة وطباع متباعدة وجعله قسمين متقابلتين وربما يخلق من نطفة واحدة توأمين ذكرا وأنثى «ويعبدون من دون الله» الذي شأنه ما ذكر «ما لا ينفعهم ولا يضرهم» أي ما ليس من شأنه النفع والضر أصلا وهو الأصنام أو كل ما يعبدون من دونه تعالى إذ ما من مخلوق يستقل بالنفع والضر «وكان الكافر على ربه» الذي ذكرت آثار ربوبيته «ظهيرا» يظاهر الشيطان بالعداوة والشرك والمراد بالكافر الجنس أو أبو جهل وقيل هينا مهينا لا اعتداد به عنده تعالى من قولهم ظهرت به إذا نبذته خلف ظهرك فيكون كقوله تعالى ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم «وما أرسلناك إلا مبشرا» للمؤمنين «ونذيرا» للكافرين «قل» لهم «ما أسألكم عليه» أي على تبليغ الرسالة الذي ينبئ عنه الإرسال من «أجر» من جهتكم «إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا» أي الأفعال من يريد أن يتقرب إليه تعالى ويطلب الزلفى عنده بالإيمان والطاعة حسبما أدعوهم إليهما فصور ذلك بصورة الأجر من حيث أنه مقصود الإتيان به واستثنى منه قلعا كليا لشائبة الطمع وإظهارا لغاية الشفقة عليهم حيث جعل ذلك مع كون نفعه عائدا إليهم عائدا إليه صلى الله عليه وسلم وقيل الاستثناء منقطع أي لكن من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا فليفعل «وتوكل على الحي الذي لا يموت» في الإستكفاء عن شرورهم والإغناء عن أجورهم فإنه الحقيق بأن يتوكل بأن عليه دون الأحياء الذين من شأنهم الموت فإنهم إذا ماتوا أضاع من توكل عليهم «وسبح بحمده» ونزهه عن صفات النقصان مثنيا عليه بنعوت الكمال طالبا لمزيد الإنعام بالشكر على سوابغه «وكفى به بذنوب عباده» ما ظهر منها وما بطن «خبيرا» أي مطلعا عليها بحيث لا يخفى عليه شيء منها فيجزيهم جزاء وافيا «الذي خلق السماوات
(٢٢٦)