تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٦ - الصفحة ٢٣٤
والتشويق إلى المؤخر «فظلت أعناقهم لها خاضعين» أي منقادين وأصله فظلوا لها خاضعين فأقتحمت الأعناق لزيادة التقرير ببيان موضع الخضوع وترك الخبر على حاله وقيل لما وصفت الأعناق بصفات العقلاء أجريت مجراهم في الصيغة أيضا كما في قوله تعالى رأيتهم لي ساجدين وقيل أريد بها الرؤساء والجماعات من قولهم جاءنا عنق من الناس أي فوج منهم وقرئ خاضعة وقوله تعالى فظلت عطف على تنزل باعتبار محله وقوله تعالى «وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث إلا كانوا عنه معرضين» بيان لشدة شكيمتهم وعدم إرعوائهم عما كانوا عليه من الكفر والتكذيب بغير ما ذكر من الآية الملجئة لصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحرص على إسلامهم وقطع رجائه عنه ومن الأولى مزيدة لتأكيد العموم والثانية لإبتداء الغاية مجازا متعلقة بيأتيهم أو بمحذوف هو صفة الذكر وأياما كان ففيه دلالة على فضله وشرفه وشناعة ما فعلوا به والتعرض لعنوان الرحمة لتغليظ شناعتهم وتهويل جنايتهم فإن الإعراض عما يأتيهم من جنابة عز وجل على الإطلاق شنيع قبيح وعما يأتيهم بموجب رحمته تعالى المحض منفعتهم أشنع وأقبح أي ما يأتيهم من موعظة من المواعظ القرآنية أومن طائفة نازلة من القرآن تذكرهم أكمل تذكير وتنبههم عن الغفلة أتم تنبيه كأنها نفس الذكر من جهته تعالى بمقتضى رحمته الواسعة مجدد تنزيله حسبما تقتضيه الحكمة والمصلحة إلا جددوا إعراضا عنه على وجه التكذيب والاستهزاء وإصرار أعلى ما كانوا عليه من الكفر والضلال والاستثناء مفرغ من أعم الأحوال محله النصب على الحالية من مفعول يأتيهم بإضمار قد أو بدونه على الخلاف المشهور أي ما يأتيهم من ذكر في حال من الأحوال إلا حال كونهم معرضين عنه «فقد كذبوا» أي كذبوا بالذكر الذي يأتيهم تكذيبا صريحا مقارنا للإستهزاء به ولم يكتفوا بالإعراض عنه حيث جعلوه تارة سحرا وأخرى أساطير وأخرى شعرا والفاء في قوله تعالى «فسيأتيهم» لترتيب ما بعدها على ما قبلها والسين لتأكيد مضمون الجملة وتقريره أي فسيأتيهم البتة من غير تخلف أصلا «أنباء ما كانوا به يستهزؤون» عدل عما يقتضيه سائر ما سلف من الإعراض والتكذيب للإيذان بأنهما كانا مقارنين للإستهزاء كما أشير إليه حسبما وقع في قوله تعالى وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين فقد كذبوا بالحق لما جاءهم فسوف يأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزؤن وأنباؤه ما سيحيق بهم من العقوبات العاجلة والآجلة عبر عنها بذاك إما لكونها مما نبأ أبها القرآن الكريم وإما لأنهم بمشاهدتها يقفون على حقيقة حال القرآن كما يقفون على الأحوال الخافية عنهم بإستماع الأنباء وفيه تهويل له لأن النبأ لا يطلق إلا على خبر خطير له وقع عظيم أي فسيأتيهم لا محالة مصداق ما كانوا يستهزءون به قبل من غير أن يتدبروا في أحواله ويقفوا عليها «أو لم يروا» الهمزة للإنكار التوبيخي
(٢٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (سورة طه) قوله تعالى: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى. 2
2 قوله تعالى: منها خلقناكم وفيها نعيدكم الآية. 22
3 قوله تعالى: وما أعجلك عن قومك يا موسى. 33
4 قوله تعالى: وعنت الوجوه للحي القيوم الآية. 43
5 (سورة الأنبياء - الجزء السابع عشر) قوله تعالى: اقترب للناس حسابهم الآية. 53
6 قوله تعالى: ومن يقل منهم أني إله الآية. 64
7 قوله تعالى: وقد آتينا إبراهيم رشده الآية. 72
8 قوله تعالى: وأيوب إذ نادى ربه الآية. 81
9 (سورة الحج) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الآية. 91
10 قوله تعالى: هذان خصمان اختصموا في ربهم الآية. 101
11 قوله تعالى: إن الله يدافع عن الذين آمنوا الآية. 108
12 قوله تعالى: ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به الآية. 116
13 (سورة المؤمنون - الجزء الثامن عشر) قوله تعالى: قد أفلح المؤمنون. 133
14 قوله تعالى: هيهات هيهات لما توعدون. 134
15 قوله تعالى: ولو رحمناهم الآية. 145
16 (سورة النور) قوله تعالى: سورة أنزلناها وفرضناها الآية. 155
17 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا الآية. 164
18 قوله تعالى: الله نور السماوات والأرض الآية. 175
19 قوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم الآية. 188
20 (سورة الفرقان) قوله تعالى: تبارك الذي نزل الفرقان الآية 200
21 [الجزء التاسع عشر] قوله تعالى: وقال الذين لا يرجون لقاءنا الآية 210
22 قوله تعالى: وهو الذي مرج البحرين الآية. 225
23 (سورة الشعراء) قوله تعالى: طسم تلك آيات الكتاب المبين. 233
24 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى الآية 244
25 قوله تعالى: قالوا أنؤمن لك الآية 254
26 أوفوا الكيل ولا تكونوا الآية 262
27 (سورة النمل) قوله تعالى: طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين. 271
28 قوله تعالى: قال سننظر أصدقت الآية. 282
29 [الجزء العشرون] قوله تعالى: فما كان جواب قومه الآية 292
30 قوله تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا الآية 300