تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٦ - الصفحة ٢٠٩
وهم الجن والأصنام (ولكن متعتهم وآباءهم) استدارك مسوق لبيان أنهم هم الضالون بعد بيان تنزههم عن إضلالهم وقد نعى عليهم سوء صنيعهم حيث جعلوا أسباب الهداية أسبابا للضلالة أي ما أضللناهم ولكنك متعتهم وآباءهم بأنواع النعم ليعرفوا حقها ويشكروها فاستغرقوا في الشهوات وانهمكوا فيها (حتى نسوا الذكر) أي غفلوا عن ذكرك أو عن التذكر في آلائك والتدبر في آياتك فجعلوا أسباب الهداية بسوء اختيارهم ذريعة إلى الغواية (وكانوا) أي في قضائك المبني على علمك الأزلي المتعلق بما سيصدر عنهم فيما لا يزال باختيارهم من الأعمال السيئة (قوما بورا) أي هالكين على أن بورا مصدر وصف به الفاعل مبالغة ولذلك يستوي فيه الواحد والجمع أو جمع بائر كعوذ في جمع عائذ والجملة اعتراض تذييلي مقرر لمضمون ما قبله وقوله تعالى (فقد كذبوكم) حكاية لاحتجاجه تعالى على العبدة بطريق تلوين الخطاب وصرفه عن المعبودين عند تمام جوابهم وتوجيهه إلى العبدة مبالغة في تقريعهم وتبكيتهم على تقدير قول مرتب على الجواب أي فقال الله تعالى عند ذلك فقد كذبوكم المعبودون أيها الكفرة (بما تقولون) أي في قولكم إنهم آلهة وقيل في قولكم هؤلاء أضلونا ويأباه أن تكذيبهم في هذا القول لا تعلق له بما بعده من عدم استطاعتهم للصرف والنصر أصلا وإنما الذي يستتبعه تكذيبهم في زعمهم أنهم آلهتهم وناصروهم وأيا ما كان فالباء بمعنى في أو هي صلة للتكذيب على أن الجار والمجرور بدل اشتمال من الضمير المنصوب وقرئ بالياء أي كذبوكم بقولهم سبحانك الآية (فما تستطيعون) أي ما تملكون (صرفا) أي دفعا للعذاب عنكم بوجه من الوجه كما يعرف عنه التنكير أي لا بالذات ولا بالواسطة وقيل حيلة من قولهم إنه ليتصرف في أموره أي يحتال فهيا وقيل توبة (ولا نصرا) أي فردا من أفراد النصر لا من جهة أنفسكم ولا من جهة غيركم والفاء لترتيب عدم الاستطاعة على ما قبلها من التكذيب لكن لا على منى أنه لولاء لوجدت الاستطاعة حقيقة بل في زعمهم حيث كانوا يزعمون أنهم يدفعون عنهم العذاب وينصرونهم وفيه ضرب تهكم بهم وقرئ يستطيعون على صيغة الغيبة أي ما يستطيع آلهتكم أن يصرفوا عنكم العذاب أو يحتالوا لكم ولا ينصروكم وترتب ما بعد الفاء على ما قبلها كما مر بيانه (ومن يظلم منكم) أيها المكلفون كدأب هؤلاء حيث ركبوا متن المكابرة والعناد واستمروا على ما هم عليه من الفساد وتجاوزوا في اللجاج كل حد معتاد (نذقه) في الآخرة (عذابا كبيرا) لا يقادر قدره وهو عذاب النار وقرئ يذقه على أن الضمير لله سبحانه وتعالى وقيل لمصدر الفعل الواقع شرطا وتعميم الظلم لا يستلزم اشتراك الفاسق للكافر في إذاقة العذاب الكبير فإن الشرط في اقتضاء الجزاء مقيد بعدم المزاحم وفاقا وهو التوبة والإحباط بالطاعة إجماعا وبالعفو عندنا
(٢٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (سورة طه) قوله تعالى: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى. 2
2 قوله تعالى: منها خلقناكم وفيها نعيدكم الآية. 22
3 قوله تعالى: وما أعجلك عن قومك يا موسى. 33
4 قوله تعالى: وعنت الوجوه للحي القيوم الآية. 43
5 (سورة الأنبياء - الجزء السابع عشر) قوله تعالى: اقترب للناس حسابهم الآية. 53
6 قوله تعالى: ومن يقل منهم أني إله الآية. 64
7 قوله تعالى: وقد آتينا إبراهيم رشده الآية. 72
8 قوله تعالى: وأيوب إذ نادى ربه الآية. 81
9 (سورة الحج) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الآية. 91
10 قوله تعالى: هذان خصمان اختصموا في ربهم الآية. 101
11 قوله تعالى: إن الله يدافع عن الذين آمنوا الآية. 108
12 قوله تعالى: ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به الآية. 116
13 (سورة المؤمنون - الجزء الثامن عشر) قوله تعالى: قد أفلح المؤمنون. 133
14 قوله تعالى: هيهات هيهات لما توعدون. 134
15 قوله تعالى: ولو رحمناهم الآية. 145
16 (سورة النور) قوله تعالى: سورة أنزلناها وفرضناها الآية. 155
17 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا الآية. 164
18 قوله تعالى: الله نور السماوات والأرض الآية. 175
19 قوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم الآية. 188
20 (سورة الفرقان) قوله تعالى: تبارك الذي نزل الفرقان الآية 200
21 [الجزء التاسع عشر] قوله تعالى: وقال الذين لا يرجون لقاءنا الآية 210
22 قوله تعالى: وهو الذي مرج البحرين الآية. 225
23 (سورة الشعراء) قوله تعالى: طسم تلك آيات الكتاب المبين. 233
24 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى الآية 244
25 قوله تعالى: قالوا أنؤمن لك الآية 254
26 أوفوا الكيل ولا تكونوا الآية 262
27 (سورة النمل) قوله تعالى: طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين. 271
28 قوله تعالى: قال سننظر أصدقت الآية. 282
29 [الجزء العشرون] قوله تعالى: فما كان جواب قومه الآية 292
30 قوله تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا الآية 300