تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٦ - الصفحة ٢٠٦
مثل ما وعدك في الآخرة وقيل المنى بل كذبوا بها فقصرت أنظارهم على الحظوظ الدنيوية وظنوا أن الكرامة ليست إلا بالمال وجعلوا فقرك ذريعة إلى تكذيبك وقوله تعالى «إذا رأتهم» الخ صفة للسعير أي إذا كانت منهم بمرأى الناظر في البعد كقوله صلى الله عليه وسلم لا تتراءى ناراهما أي لا تتقاربان بحيث تكون إحداهما بمرأى من الأخرى على المجاز كأن بعضها يرى البعض ونسبة الرؤية إليها لا إليهم للإيذان بأن التغيظ والزفير منها لهيجان غضبها عليهم عند رؤيتها إياهم حقيقة أو تمثيلا ومن في قوله تعالى «من مكان بعيد» إشعار بأن بعد ما بينها وبينهم من المسافة حين رأتهم خارج عن حدود البعد المعتاد في المسافات المعهودة وفيه مزيد تهويل لأمرها قال الكلبي والسدي من مسيرة عام وقيل من مسيرة مائة سنة «سمعوا لها تغيظا وزفيرا» أي صوت تغيظ على تشبيه صوت غليانها بصوت المغتاظ وزفيره وهو صوت يسمع من جوفه هذا وإن الحياة لما لم تكن مشروطة عندنا بالبنية أمكن أن يخلق الله تعالى فيها حياة فترى وتتغيظ وتزفر وقيل إن ذلك لزبانيتها فنسب إليها على حذف المضاف «وإذا ألقوا منها مكانا» نصب على الظرفية ومنها حال منه لأنه في الأصل صفة له «ضيقا» صفة لمكانا مفيدة لزيادة شدة فإن الكرب مع الضيق كما أن الروح مع السعة وهو السر في وصف الجنة بأن عرضها السماوات والأرض وعن ابن عباس وابن عمر رضي الله تعالى عنهم تضيق جهنم عليهم كما يضيق الزج على الرمح وسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال والذي نفسي بيده إنهم ليستكرهون في النار كما يستكره الوتد في الحائط قال الكلبي الأسفلون يرفعهم اللهب والأعلون يحطهم الداخلون فيزدحمون فيها وقرئ ضيقا بسكون الياء «مقرنين» حال من مفعول ألقوا أي إذا ألقوا منها مكانا ضيقا حال كونهم مقرنين قد قرنت أيديهم إلى أعناقهم بالجوامع وقيل مقرنين مع الشياطين في السلاسل كل كافر مع شيطان وفي أرجلهم الأصفاد «دعوا هنالك» أي في ذلك المكان الهائل والحالة الفظيعة «ثبورا» أي يتمنون هلاكا وينادونه يا ثبوراه تعال فهذا حينك وأوانك «لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا» على تقدير قول إما منصوب على أنه حال من فاعل دعوا أي دعوه مقولا لهم ذلك حقيقة بأن يخاطبهم الملائكة به لتنبيههم على خلود عذابهم وأنهم لا يجابون إلى ما يدعونه ولا ينالون ما يتمنونه من الهلاك المنجى أو تمثيلا وتصويرا لحالهم بحال من يقال له ذلك من غير أن يكون هناك قول ولا خطاب أي دعوه حال كونهم أحقاء بأن يقال لهم ذلك وإما مستأنف وقع جوابا عن سؤال ينسحب عليه الكلام كأنه قيل فماذا يكون عند دعائهم المذكور فقيل يقال لهم ذلك إقناطا مما علقوا به أطماعهم من الهلاك وتنبيها على أن عذابهم الملجئ لهم إلى استدعاء الهلاك بالمرة أبدى لا خلاص لهم منه أي
(٢٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (سورة طه) قوله تعالى: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى. 2
2 قوله تعالى: منها خلقناكم وفيها نعيدكم الآية. 22
3 قوله تعالى: وما أعجلك عن قومك يا موسى. 33
4 قوله تعالى: وعنت الوجوه للحي القيوم الآية. 43
5 (سورة الأنبياء - الجزء السابع عشر) قوله تعالى: اقترب للناس حسابهم الآية. 53
6 قوله تعالى: ومن يقل منهم أني إله الآية. 64
7 قوله تعالى: وقد آتينا إبراهيم رشده الآية. 72
8 قوله تعالى: وأيوب إذ نادى ربه الآية. 81
9 (سورة الحج) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الآية. 91
10 قوله تعالى: هذان خصمان اختصموا في ربهم الآية. 101
11 قوله تعالى: إن الله يدافع عن الذين آمنوا الآية. 108
12 قوله تعالى: ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به الآية. 116
13 (سورة المؤمنون - الجزء الثامن عشر) قوله تعالى: قد أفلح المؤمنون. 133
14 قوله تعالى: هيهات هيهات لما توعدون. 134
15 قوله تعالى: ولو رحمناهم الآية. 145
16 (سورة النور) قوله تعالى: سورة أنزلناها وفرضناها الآية. 155
17 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا الآية. 164
18 قوله تعالى: الله نور السماوات والأرض الآية. 175
19 قوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم الآية. 188
20 (سورة الفرقان) قوله تعالى: تبارك الذي نزل الفرقان الآية 200
21 [الجزء التاسع عشر] قوله تعالى: وقال الذين لا يرجون لقاءنا الآية 210
22 قوله تعالى: وهو الذي مرج البحرين الآية. 225
23 (سورة الشعراء) قوله تعالى: طسم تلك آيات الكتاب المبين. 233
24 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى الآية 244
25 قوله تعالى: قالوا أنؤمن لك الآية 254
26 أوفوا الكيل ولا تكونوا الآية 262
27 (سورة النمل) قوله تعالى: طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين. 271
28 قوله تعالى: قال سننظر أصدقت الآية. 282
29 [الجزء العشرون] قوله تعالى: فما كان جواب قومه الآية 292
30 قوله تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا الآية 300