تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٦ - الصفحة ١٩
تعليله بما بعده «فقولا إنا رسولا ربك» أمرا بذلك تحقيقا للحق من أول الأمر ليعرف الطاغية شأنهما ويبنى جوابه عليه وكذا التعرض لربوبيته تعالى له والفاء في قوله تعالى «فأرسل معنا بني إسرائيل» لترتيب ما بعدها على ما قبلها فإن كونهما رسولي ربه مما يوجب إرسالهم معهما والمراد بالإرسال إطلاقهم من الأسر والقسر وإخراجهم من تحت يده العادية لا تكليفهم أن يذهبوا معه معهما إلى الشام كما ينبئ عنه قوله تعالى «ولا تعذبهم» أي بإبقائهم على ما كانوا عليه من العذاب فإنهم كانوا تحت ملكة القبط يستخدمونهم في الأعمال الصعبة الفادحة من الحفر ونقل الأحجار وغيرهما من الأمور الشاقة ويقتلون ذكور أولادهم عاما دون عام ويستخدمون نساءهم وتوسيط حكم الإرسال بين بيان رسالتهما وبين ذكر المجيء بآية دالة على صحتها لإظهار الاعتناء به مع ما فيه من تهوين الأمر على فرعون فإن إرسالهم معهما من غير تعرض لنفسه وقومه بفنون التكاليف الشاقة كما هو حكم الرسالة عادة ليس مما يشق عليه كل المشقة ولأن في بيان مجيء الآية نوع طول كما ترى فتأخير ذلك عنه مخل بتجاوب أطراف النظم الكريم وأما ما قيل من أن ذلك دليل على أن تخليص المؤمنين من الكفرة أهم من دعوتهم إلى الإيمان فكلا «قد جئناك بآية من ربك» تقرير لما تضمنه الكلام السابق من دعوى الرسالة وتعليل لوجوب الإرسال فإن مجيئهما بالآية من جهته تعالى مما يحقق رسالتهما ويقررها ويوجب الامتثال بأمرهما وإظهار اسم الرب في موضع الإضمار مع الإضافة إلى ضمير المخاطب لتأكيد ما ذكر من التقرير والتعليل وتوحيد الآية مع تعددها لأن المراد إثبات الدعوى ببرهانها لا بيان تعدد الحجة وكذلك قوله تعالى قد جئتكم ببينة وقوله تعالى أو لو جئتك بشيء مبين وأما قوله تعالى فأت بآية إن كنت من الصادقين فالظاهر أن المراد بها آية من الآيات «والسلام» المستتبع لسلامة الدارين من الله تعالى والملائكة وغيرهم من المسلمين «على من اتبع الهدى» بتصديق آيات الله تعالى الهادية إلى الحق وفيه من ترغيبه في اتباعهما على ألطف وجه مالا يخفى «إنا قد أوحي إلينا» من جهة ربنا «أن العذاب» الدنيوي والأخروي «على من كذب» أي بآياته تعالى «وتولى» أي أعرض عن قبولها وفيه من التلطيف في الوعيد حيث لم يصرح بحلول العذاب به مالا مزبد عليه «قال» أي فرعون بعدما أتياه وبلغاه ما أمرا به وإنما طوى ذكره للإيجاز والإشعار بأنهما كما أمرا بذلك سارعا إلى الامتثال به من غير تلعثم وبأن ذلك من الظهور بحيث لا حاجة إلى التصريح به «فمن ربكما يا موسى» لم يضف الرب إلى نفسه ولو بطريق حكاية ما في قوله تعالى إنا رسولا ربك وقوله تعالى قد جئناك بآية من ربك لغاية عتوه ونهاية طغيانه بل أضافه إليهما لما أن المرسل لابد أن يكون ربا للرسول أو لأنهما قد صرحا بربوبيته تعالى للكل بأن قالا إنا رسول رب العالمين كما وقع في سورة الشعراء والاقتصار ها هنا على ذكر ربوبيته تعالى لفرعون لكفايته فيما هو المقصود والفاء لترتيب السؤال على ما سق من كونهما رسولي ربهما أي إذا كنتما رسولي ربكما فأخبرا من ربكما الذي
(١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (سورة طه) قوله تعالى: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى. 2
2 قوله تعالى: منها خلقناكم وفيها نعيدكم الآية. 22
3 قوله تعالى: وما أعجلك عن قومك يا موسى. 33
4 قوله تعالى: وعنت الوجوه للحي القيوم الآية. 43
5 (سورة الأنبياء - الجزء السابع عشر) قوله تعالى: اقترب للناس حسابهم الآية. 53
6 قوله تعالى: ومن يقل منهم أني إله الآية. 64
7 قوله تعالى: وقد آتينا إبراهيم رشده الآية. 72
8 قوله تعالى: وأيوب إذ نادى ربه الآية. 81
9 (سورة الحج) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الآية. 91
10 قوله تعالى: هذان خصمان اختصموا في ربهم الآية. 101
11 قوله تعالى: إن الله يدافع عن الذين آمنوا الآية. 108
12 قوله تعالى: ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به الآية. 116
13 (سورة المؤمنون - الجزء الثامن عشر) قوله تعالى: قد أفلح المؤمنون. 133
14 قوله تعالى: هيهات هيهات لما توعدون. 134
15 قوله تعالى: ولو رحمناهم الآية. 145
16 (سورة النور) قوله تعالى: سورة أنزلناها وفرضناها الآية. 155
17 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا الآية. 164
18 قوله تعالى: الله نور السماوات والأرض الآية. 175
19 قوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم الآية. 188
20 (سورة الفرقان) قوله تعالى: تبارك الذي نزل الفرقان الآية 200
21 [الجزء التاسع عشر] قوله تعالى: وقال الذين لا يرجون لقاءنا الآية 210
22 قوله تعالى: وهو الذي مرج البحرين الآية. 225
23 (سورة الشعراء) قوله تعالى: طسم تلك آيات الكتاب المبين. 233
24 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى الآية 244
25 قوله تعالى: قالوا أنؤمن لك الآية 254
26 أوفوا الكيل ولا تكونوا الآية 262
27 (سورة النمل) قوله تعالى: طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين. 271
28 قوله تعالى: قال سننظر أصدقت الآية. 282
29 [الجزء العشرون] قوله تعالى: فما كان جواب قومه الآية 292
30 قوله تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا الآية 300