تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٦ - الصفحة ١٦
أعظم من شفقة الأم وصنعها على موجب مراعاته تعالى وقيل هو بدل من إذ أوحينا على أن المراد به زمان متسع متباعد الأطراف وهو الأنسب بما سيأتي من قوله تعالى فنجيناك من الغم الخ فإن جميع ذلك من المنن الإلهية ولا تعلق لشيء منها الصنع المذكور وأما كونه ظرفا لألقيت كما جوز فربما يوهم أن إلقاء المحبة لم يحص قبل ذلك ولا ريب في أن معظم آثار إلقائها ظهر عند فتح التابوت «فتقول» أي لفرعون وآسية حين رأتهما يطلبان له عليه السلام مرضعة يقبل ثديها وكان لا يقبل ثديا وصيغة المضارع في الفعلين لحكاية الحال الماضية «هل أدلكم على من يكفله» أي يضمه إلى نفسه ويربيه وذلك إنما يكون بقبوله ثديها يروى أنه فشا الخبر بمصر أن آل فرعون أخذوا غلاما في النيل لا يرتضع ثدي امرأة واضطروا إلى تبليغ النساء فخرجت أخته مريم لتعرف خبره فجاءتهم متنكرة فقالت ما قالت وقالوا ما قالوا فجاءت بأمه فقبل ثديها فالفاء في قوله تعالى «فرجعناك إلى أمك» فصيحة معربة عن محذوف قبلها يعطف عليه ما بعدها أي فقالوا دلينا عليها فجاءت بأمك فرجعناك إليها «كي تقر عينها» بلقائك «ولا تحزن» أي لا يطرأ عليها الحزن بفراقك بعد ذلك وإلا فزوال الحزن مقدم على السرور المعبر عنه بقرة العين فإن التخلية متقدمة على التحلية وقيل ولا تحزن أنت بفقد إشفاقها «وقتلت نفسا» هي نفس القبطي الذي استغاثه الإسرائيلي عليه «فنجيناك من الغم» أي غم قتله خوفا من عقاب الله تعالى بالمغفرة ومن اقتصاص فرعون بالإنجاء منه بالمهاجرة إلى مدين «وفتناك فتونا» أي ابتليناك ابتلاء أو فتونا من الابتلاء على أنه جمع فتن أو فتنة على ترك الاعتداد بالتاء كحجوز في حجزه وبدور في بدرة أي خلصناك مرة أخرى وهو إجمال ما ناله في سفره من الهجرة عن الوطن ومفارقة الإلاف والمشي راجلا وفقد الزاد وقد روي أن سعيد ابن جبير سأل عنه ابن عباس رضي الله عنهما فقال خلصناك من محنة بعد محنة ولد في عام كان يقتل فيه الولدان فهذه فتنة يا ابن جبير وألقته أمه في البحر وهم فرعون بقتله وقتل قبطيا وآجر نفسه عشر سنين وضل الطريق وتفرقت غنمه في ليلة مظلمة وكان يقول عند كل واحدة فهذه فتنة يا ابن جبير ولكن الذي يقتضيه النظم الكريم أن لا تعد إجارة نفسه وما بعدها من تلك الفتون ضرورة أن المراد بها ما وقع قبل وصوله عليه السلام إلى مدين بقيضة الفاء في قوله تعالى «فلبثت سنين في أهل مدين» إذ لا ريب في أن الإجارة المذكورة وما بعدها مما وقع بعد الوصول إليهم وقد أشير بذكر لبثه عليه السلام فيهم دون وصوله إليهم إلى جميع ما قاساه عليه السلام في تضاعيف تلك السنين العشر من فنون الشدائد والمكاره التي كل واحد منها فتنة وأي فتنة ومدين بلدة شعيب عليه الصلاة والسلام على ثماني مراحل مصر «ثم جئت» إلى المكان الذين أونس فيه النار ووقع فيه النداء والجؤار وفي كلمة التراخي إيذان بأن مجيئه عليه السلام كان بعد اللتيا والتي من ضلال الطريق وتفرق الغنم في الليلة المظلمة الشاتية وغير ذلك «على قدر» أي تقدير قدرته لأن أكلك وأستنبئك في وقت قد عينته لذلك فما جئت إلا على ذلك القدر غير مستقدم ولا مستأجر وقيل على مقدار من الزمان يوحى فيه إلى الأنبياء عليهم السلام وهو رأس أربعين سنة وقوله تعالى «يا موسى» تشريف له عليه الصلاة والسلام وتنبيه على انتهاء الحكاية التي هي تفصيل المرة الأخرى التي وقعت قبل المرة المحكية أولا
(١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (سورة طه) قوله تعالى: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى. 2
2 قوله تعالى: منها خلقناكم وفيها نعيدكم الآية. 22
3 قوله تعالى: وما أعجلك عن قومك يا موسى. 33
4 قوله تعالى: وعنت الوجوه للحي القيوم الآية. 43
5 (سورة الأنبياء - الجزء السابع عشر) قوله تعالى: اقترب للناس حسابهم الآية. 53
6 قوله تعالى: ومن يقل منهم أني إله الآية. 64
7 قوله تعالى: وقد آتينا إبراهيم رشده الآية. 72
8 قوله تعالى: وأيوب إذ نادى ربه الآية. 81
9 (سورة الحج) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الآية. 91
10 قوله تعالى: هذان خصمان اختصموا في ربهم الآية. 101
11 قوله تعالى: إن الله يدافع عن الذين آمنوا الآية. 108
12 قوله تعالى: ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به الآية. 116
13 (سورة المؤمنون - الجزء الثامن عشر) قوله تعالى: قد أفلح المؤمنون. 133
14 قوله تعالى: هيهات هيهات لما توعدون. 134
15 قوله تعالى: ولو رحمناهم الآية. 145
16 (سورة النور) قوله تعالى: سورة أنزلناها وفرضناها الآية. 155
17 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا الآية. 164
18 قوله تعالى: الله نور السماوات والأرض الآية. 175
19 قوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم الآية. 188
20 (سورة الفرقان) قوله تعالى: تبارك الذي نزل الفرقان الآية 200
21 [الجزء التاسع عشر] قوله تعالى: وقال الذين لا يرجون لقاءنا الآية 210
22 قوله تعالى: وهو الذي مرج البحرين الآية. 225
23 (سورة الشعراء) قوله تعالى: طسم تلك آيات الكتاب المبين. 233
24 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى الآية 244
25 قوله تعالى: قالوا أنؤمن لك الآية 254
26 أوفوا الكيل ولا تكونوا الآية 262
27 (سورة النمل) قوله تعالى: طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين. 271
28 قوله تعالى: قال سننظر أصدقت الآية. 282
29 [الجزء العشرون] قوله تعالى: فما كان جواب قومه الآية 292
30 قوله تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا الآية 300