تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٦ - الصفحة ١٥
وأن في قوله تعالى «أن اقذفيه في التابوت» مفسرة لأن الوحي من باب القول أو مصدرية محذف منها الباء أي بأن اقذفيه ومعنى القذف ههنا الوضع وأما في قوله تعالى «فاقذفيه في اليم» فالإلقاء وهذا التفصيل هو المراد بقوله تعالى فإذا خفت عليه فألقيه في اليم لا القذف بلا تابوت «فليلقه اليم بالساحل» لما كان إلقاء البحر إياه بالساحل أمرا واجب الوقوع لتعلق الإرادة الربانية به جعل البحر كأنه ذو تمييز مطيع أمر بذلك وأخرج الجواب مخرج الأمر والضمائر كلها لموسى عليه السلام والمقذوف في البحر والملقى بالساحل وإن كان هو التابوت أصالة لكن لما كان المقصود بالذات ما فيه جعل التابوت تابعا له في ذلك «يأخذه عدو لي وعدو له» جواب للأمر بالإلقاء وتكرير العدو للمبالغة والتصريح بالأمر والإشعار بأن عداوته له مع تحققها لا تؤثر فيه ولا تضره بل تؤدي إلى المحبة فإن الأمر بما هو سبب للهلاك صورة من قذفه في البحر ووقوعه في يد عدو الله تعالى وعدوه مشعر بأن هناك لطفا خفيا مندرجا تحت قهر صوري وقيل الأول باعتبار الواقع والثاني باعتبار المتوقع وليس المراد بالساحل نفس الشاطئ بل ما يقابل الوسط وهو ما يلي الساحل من البحر بحيث يجري ماؤه إلى نهر فرعون لما روى أنها جعلت في التابوت قطنا ووضعته فيه ثم قيرته وألقته في اليم وكان يشرع منه إلى بستان فرعون نهر صغير فدفعه الماء إليه فأتى به إلى بركة في البستان وكان فرعون جالسا ثمة مع آسية بنت مزاحم بأمر به فأخرج ففتح فإذا هو صبي أصبح الناس وجها فأحبه عدو الله حبا شديدا لا يكاد يتمالك الصبر عنه وذلك قوله تعالى «وألقيت عليك محبة مني» كلمة من متعلقة بمحذوف هو صفة لمحبة مؤكدة لما في تنكيرها من الفخامة الإضافية أي محبة عظيمة كائنة مني قد زرعتها في القلوب بحيث لا يكاد يصبر عنك من رآك ولذلك أحبك عدو الله وآله وقيل هي متعلقة بألقيت أي أحببتك ومن أحبه الله تعالى أحبته القلوب لا محالة وقوله تعالى «ولتصنع على عيني» متعلق بألقيت معطوف على علة له مضمرة أي ليتعطف عليك ولنربي بالحنو والشفقة بمراقبتي وحفظي أو بمضمرة مؤخر هو عبارة عما قبله من إلقاء المحبة والجملة مبتدأة أي ولتصنع على عيني فعلت ذلك وقري ولتصنع على صيغة الأمر بسكون اللام وكسرها وقرئ بفتح التاء والنصب أي وليكون عملك على عين مني لئلا يخالف به عن أمري «إذ تمشي أختك» ظرف لتصنع على أن المراد به وقت وقع فيه مشيها إلى بيت فرعون وما ترتب عليه من القول والرجع إلى أمها وتربيتها له بالبر والحنو وهو المصداق لقوله تعالى ولتصنع على عيني إذ لا شفقة
(١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (سورة طه) قوله تعالى: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى. 2
2 قوله تعالى: منها خلقناكم وفيها نعيدكم الآية. 22
3 قوله تعالى: وما أعجلك عن قومك يا موسى. 33
4 قوله تعالى: وعنت الوجوه للحي القيوم الآية. 43
5 (سورة الأنبياء - الجزء السابع عشر) قوله تعالى: اقترب للناس حسابهم الآية. 53
6 قوله تعالى: ومن يقل منهم أني إله الآية. 64
7 قوله تعالى: وقد آتينا إبراهيم رشده الآية. 72
8 قوله تعالى: وأيوب إذ نادى ربه الآية. 81
9 (سورة الحج) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الآية. 91
10 قوله تعالى: هذان خصمان اختصموا في ربهم الآية. 101
11 قوله تعالى: إن الله يدافع عن الذين آمنوا الآية. 108
12 قوله تعالى: ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به الآية. 116
13 (سورة المؤمنون - الجزء الثامن عشر) قوله تعالى: قد أفلح المؤمنون. 133
14 قوله تعالى: هيهات هيهات لما توعدون. 134
15 قوله تعالى: ولو رحمناهم الآية. 145
16 (سورة النور) قوله تعالى: سورة أنزلناها وفرضناها الآية. 155
17 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا الآية. 164
18 قوله تعالى: الله نور السماوات والأرض الآية. 175
19 قوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم الآية. 188
20 (سورة الفرقان) قوله تعالى: تبارك الذي نزل الفرقان الآية 200
21 [الجزء التاسع عشر] قوله تعالى: وقال الذين لا يرجون لقاءنا الآية 210
22 قوله تعالى: وهو الذي مرج البحرين الآية. 225
23 (سورة الشعراء) قوله تعالى: طسم تلك آيات الكتاب المبين. 233
24 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى الآية 244
25 قوله تعالى: قالوا أنؤمن لك الآية 254
26 أوفوا الكيل ولا تكونوا الآية 262
27 (سورة النمل) قوله تعالى: طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين. 271
28 قوله تعالى: قال سننظر أصدقت الآية. 282
29 [الجزء العشرون] قوله تعالى: فما كان جواب قومه الآية 292
30 قوله تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا الآية 300