تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٦ - الصفحة ٨
بعد أخرى «وأنا اخترتك» أي اصطفيتك للنبوة والرسالة وقرئ وإنا اخترناك بالفتح والكسر والفاء في قوه «فاستمع» لترتيب الأمر أو المأمور به على ما قبلها فإن اختياره عليه السلام لما ذكر مر موجبات الاستماع والأمر به واللام في قوله تعالى «لما يوحى» متعلقة باستمع وما موصولة أو مصدرية أي فاستمع للذي يوحى إليك أو للوحي لا باخترتك كما قيل لكن لا لما قيل من أنه من باب التنازع وإعمال الأول فلا بد حينئذ من إعادة الضمير مع الثاني بل لأن قوله تعالى «إنني أنا الله لا إله إلا أنا» بدل من ما يوحى ولا ريب في ان اختياره عليه الصلاة والسلام ليس لهذا الوحي فقط والفاء في قوله تعالى «فاعبدني» لترتيب المأمور به على ما قبلها فإن اختصاص الألوهية به سبحانه وتعالى من موجبات تخصيص العبادة به عز وجل «وأقم الصلاة» خصت الصلاة بالذكر وأفردت بالأمر مع اندراجها في الأمر بالعبادة لفضلها وإنافتها على سائر العبادات بما نيطت به من ذكر المعبود وشغل القلب واللسان بذكره وذلك قوله تعالى «لذكري» أي لتذكرني فإني ذكري كما ينبغي لا يتحقق إلا في ضمن العبادة والصلاة أو لتذكرني فيها لاشتمالها على الأذكار أو لذكرى خاصة لا تشوبه بذكر غيري أو لإخلاص ذكري وابتغاء وجهي لا ترائي بها ولا تقصد بها غرضا آخر أو لتكون ذاكرا لي غير ناس وقيل لذكري إياها وأمري بها في الكتب أو لأن أذكرك بالمدح والثناء وقيل لأوقات ذكري وهي مواقيت الصلاة أو لذكر صلاتي لما روى أنه صلى الله عليه وسلم قال من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها لأن الله تعالى يقول وأقم الصلاة لذكري وقرئ لذكري بألف التأنيث وللذكرى معروفا وللذكر بالتعريف والتنكير وقوله تعالى «إن الساعة آتية» تعليل لوجوب العبادة وإقامة الصلاة أي كائنة لا محالة وإنما عبر عن ذلك بالإتيان تحقيقا لحصولها بإبرازها في معرض أمر محقق متوجه نحو المخاطبين «أكاد أخفيها» أي لا أظهرها بأن أقول إنها آتية لولا أن ما في الإخبار بذلك من اللطف وقطع الأعذار لما فعلت أو أكاد أظهرها بإيقاعها من أخفاه إذا أظهره بسلب خفائه ويؤيده القراءة بفتح الهمزة من خفاه بمعنى أظهره وقيل أخفاه من الأضداد يجيء بمعنى الإظهار والستر وقوله تعالى «لتجزى كل نفس بما تسعى» متعلق بآتية وما بينهما اعتراض أو بأخفيها على المعنى الأخير وما مصدرية أي لتجزي كل نفس بسعيها في تحصيل ما ذكر من الأمور المأمور بها وتخصيصه في معرض الغاية لإتيانها مع أنه الجزاء كل نفس بما صدر عنها سواء كان سعيا فيما ذكر أو تقاعدا عنه بالمرة أو سعيا في تحصيل ما يضاده للإيذان بأن المراد بالذات من إتيانها هو الإثابة بالعبادة وأما العقاب بتركها فمن مقتضيات سوء اختيار العصاة وبأن المأمور به في قوة الوجوب والساعة في شدة الهول والفظاعة بحيث يوجبان على كل نفس أن تسعى في الامتثال بالأمر وتجد في تحصيل ما ينجيها من الطاعات وحينئذ تحترز عن
(٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (سورة طه) قوله تعالى: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى. 2
2 قوله تعالى: منها خلقناكم وفيها نعيدكم الآية. 22
3 قوله تعالى: وما أعجلك عن قومك يا موسى. 33
4 قوله تعالى: وعنت الوجوه للحي القيوم الآية. 43
5 (سورة الأنبياء - الجزء السابع عشر) قوله تعالى: اقترب للناس حسابهم الآية. 53
6 قوله تعالى: ومن يقل منهم أني إله الآية. 64
7 قوله تعالى: وقد آتينا إبراهيم رشده الآية. 72
8 قوله تعالى: وأيوب إذ نادى ربه الآية. 81
9 (سورة الحج) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الآية. 91
10 قوله تعالى: هذان خصمان اختصموا في ربهم الآية. 101
11 قوله تعالى: إن الله يدافع عن الذين آمنوا الآية. 108
12 قوله تعالى: ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به الآية. 116
13 (سورة المؤمنون - الجزء الثامن عشر) قوله تعالى: قد أفلح المؤمنون. 133
14 قوله تعالى: هيهات هيهات لما توعدون. 134
15 قوله تعالى: ولو رحمناهم الآية. 145
16 (سورة النور) قوله تعالى: سورة أنزلناها وفرضناها الآية. 155
17 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا الآية. 164
18 قوله تعالى: الله نور السماوات والأرض الآية. 175
19 قوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم الآية. 188
20 (سورة الفرقان) قوله تعالى: تبارك الذي نزل الفرقان الآية 200
21 [الجزء التاسع عشر] قوله تعالى: وقال الذين لا يرجون لقاءنا الآية 210
22 قوله تعالى: وهو الذي مرج البحرين الآية. 225
23 (سورة الشعراء) قوله تعالى: طسم تلك آيات الكتاب المبين. 233
24 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى الآية 244
25 قوله تعالى: قالوا أنؤمن لك الآية 254
26 أوفوا الكيل ولا تكونوا الآية 262
27 (سورة النمل) قوله تعالى: طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين. 271
28 قوله تعالى: قال سننظر أصدقت الآية. 282
29 [الجزء العشرون] قوله تعالى: فما كان جواب قومه الآية 292
30 قوله تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا الآية 300