تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٦ - الصفحة ٢٧
منه عليه الصلاة والسلام ما رأوا من مخايل الخير ورزانة الرأي وإظهارا للجلادة بإراءة أنه لا يختلف حالهم بالتقديم والتأخير وأن مع ما في حيزها منصوب بفعل مضمر أو مرفوع بخبرية مبتدأ محذوف أي اختر إلقاءك أولا أو إلقاءنا أو الأمر إما إلقاؤك أو إلقاؤنا «قال» استئناف كما سلف ناشيء من حكاية تخيير السحرة إياه عليه الصلاة والسلام كأنه قيل فماذا قال عليه الصلاة والسلام فقيل قال «بل ألقوا» أنتم أولا مقابلة للأدب بأحسن من أدبهم حيث بت القول بإلقائهم أولا وإظهارا لعدم المبالاة بسحرهم ومساعدة لما أوهموا من الميل إلى البدء وليبرزوا ما معهم ويستفرغوا أقصى جهدهم ويستنفدوا قصارى وسعهم ثم يظهر الله عز وجل سلطانه فيقذف بالحق على الباطل فيدمغه لما علم أن ما سيظهر بيده سيلقف ما يصنعون من مكايد السحر «فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى» الفاء فصيحة معربة عن مسارعتهم إلى الإلقاء كما في قوله تعالى فقلنا اضرب بعصاك البحر فانفلق أي فألقوا فإذا حبالهم وهي للمفاجأة والتحقيق أنها أيضا ظرفية تستدعي متعلقا بنصبها وجملة تضاف إليها لكنها خصت بكون متعلقها فعل المفاجأة والجملة ابتدائية والمعنى فألقوا ففاجأ موسى عليه الصلاة والسلام وقت أن يخيل إليه سعي حبالهم وعصيهم من سحرهم وذلك أنهم كانوا لطخوها بالزئبق فلما ضربت عليها الشمس اضطربت واهتزت فخيل إليه أنها تتحرك وقرئ تخيل بالتاء على إسناده إلى ضمير الحبال والعصي وإبدال أنها تسعى منه بدل اشتمال وقرئ يخيل بإسناده إليه تعالى وقرئ تخيل بحذف إحدى التاءين من تتخيل «فأوجس في نفسه خيفة موسى» أي أضمر فيها بعض خوف من مفاجأته بمقتضى البشرية المجبولة على النفرة من الحيات والاحتراز من ضررها المعتاد من اللسع ونحوه وقيل من أن يخالج الناس شك فلا يتبعوه وليس بذاك كما ستعرفه وتأخير الفاعل لمراعاة الفواصل «قلنا لا تخف» أي ما توهمت «إنك أنت الأعلى» تعليل لما يوجبه النهي من الانتهاء عن الخوف وتقرير لغلبته على أبلغ وجه وآكده كما يعرب عنه الاستئناف وحرف التحقيق وتكرير الضمير وتعريف الخبر ولفظ العلو المنبئ عن الغلبة الظاهرة وصيغة التفضيل «وألق ما في يمينك» أي عصاك كما وقع في سورة الأعراف وإما أوثر الإبهام تهويلا لأمرها وتفخيما لشأنها وإيذانا بأنها ليست من جنس العصي المعهودة المستتبعة للآثار المعتادة بل خارجة عن حدود سائر أفراد الجنس مبهمة الكنه مستتبعة لآثار غريبة وعدم مراعاة هذه النكتة عند حكاية الأمر في موضع آخر لا يستدعى عدم مراعاتها عند وقوع المحكي هذا وحمل الإبهام على التحقير بان يراد لا تبال بكثرة حبالهم
(٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (سورة طه) قوله تعالى: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى. 2
2 قوله تعالى: منها خلقناكم وفيها نعيدكم الآية. 22
3 قوله تعالى: وما أعجلك عن قومك يا موسى. 33
4 قوله تعالى: وعنت الوجوه للحي القيوم الآية. 43
5 (سورة الأنبياء - الجزء السابع عشر) قوله تعالى: اقترب للناس حسابهم الآية. 53
6 قوله تعالى: ومن يقل منهم أني إله الآية. 64
7 قوله تعالى: وقد آتينا إبراهيم رشده الآية. 72
8 قوله تعالى: وأيوب إذ نادى ربه الآية. 81
9 (سورة الحج) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الآية. 91
10 قوله تعالى: هذان خصمان اختصموا في ربهم الآية. 101
11 قوله تعالى: إن الله يدافع عن الذين آمنوا الآية. 108
12 قوله تعالى: ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به الآية. 116
13 (سورة المؤمنون - الجزء الثامن عشر) قوله تعالى: قد أفلح المؤمنون. 133
14 قوله تعالى: هيهات هيهات لما توعدون. 134
15 قوله تعالى: ولو رحمناهم الآية. 145
16 (سورة النور) قوله تعالى: سورة أنزلناها وفرضناها الآية. 155
17 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا الآية. 164
18 قوله تعالى: الله نور السماوات والأرض الآية. 175
19 قوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم الآية. 188
20 (سورة الفرقان) قوله تعالى: تبارك الذي نزل الفرقان الآية 200
21 [الجزء التاسع عشر] قوله تعالى: وقال الذين لا يرجون لقاءنا الآية 210
22 قوله تعالى: وهو الذي مرج البحرين الآية. 225
23 (سورة الشعراء) قوله تعالى: طسم تلك آيات الكتاب المبين. 233
24 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى الآية 244
25 قوله تعالى: قالوا أنؤمن لك الآية 254
26 أوفوا الكيل ولا تكونوا الآية 262
27 (سورة النمل) قوله تعالى: طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين. 271
28 قوله تعالى: قال سننظر أصدقت الآية. 282
29 [الجزء العشرون] قوله تعالى: فما كان جواب قومه الآية 292
30 قوله تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا الآية 300