تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٦ - الصفحة ١٠
إيقاظ وتنبيه له عليه الصلاة والسلام على ما سيبدو له من التعاجيب وتكرير النداء لزيادة التأنيس والتنبيه «قال هي عصاي» نسبها إلى نفسه تحقيقا لوجه كونها بيمينه وتمهيدا لما يعقبه من الأفاعيل المنسوبة إليه عليه الصلاة والسلام وقرئ عصى على لغة هذيل «أتوكأ عليها» أي أعتمد عليها عند الإعياء أو الوقوف على رأس القطيع «وأهش بها» أي أخبط بها الورق وأسقطه «على غنمي» وقرئ أهش بكسر الهاء وكلاهما من هش الخبز يهش إذا انكسر لهشاشته وقرئ بالسين غير المعجمة وهو زجر الغنم وتعديته بعلى لتضمين معنى الإنحاء والإقبال أي أزجرها منحيا ومقبلا عليها «ولي فيها مآرب أخرى» أي حاجات أخر من هذا الباب مثل ما روى أنه عليه الصلاة والسلام كان إذا سار ألقاها على عاتقه فعلق به أدواته من القوس والكنانة والحلاب ونحوها وإذا كان في البرية ركزها وعرض الزندين على شعبيتها وألقى عليها الكساء واستظل به وإذا قصر الرشاء وصله بها وإذا تعرضت لغنمه السباع قاتل بها وقيل ومن جملة المآرب أنها كانت ذات شبعتين ومحجن فإذا طال الغصن حناه بالمحجن وإذا أراد كسره لواه بالشعبتين وكأنه عليه الصلاة والسلام فهم أن المقصود من السؤال بيان حقيقتها وتفصيل منافعها بطريق الاستقصاء حتى إذا ظهرت على خلاف تلك الحقيقة وبدت منها خواص بديعة علم أنها آيات باهرة ومعجزات قاهرة أحدثها الله تعالى وليست من الخواص المترتبة عليها فذكر حقيقتها ومنافعها على التفصيل والإجمال على معنى أنها من جنس العصى مستتبعة لمنافع بنات جنسها ليطابق جوابه الغرض الذي فهمه من سؤال العليم الخبير «قال» استئناف مبني على سؤال ينساق إليه الذهن كأنه قيل فماذا قال عز وجل فقيل قال «ألقها يا موسى» لترى من شأنها ما لم يخطر ببالك من الأمور وتكرير النداء لتأكيد التنبيه «فألقاها» على الأرض «فإذا هي حية تسعى» روى أنه عليه الصلاة والسلام حين ألقاها انقلبت حية صفراء في غلظ العصا ثم انتفخت وعظمت فلذلك شبهت بالجان تارة وسميت ثعبانا أخرى وعبر عنها ههنا بالاسم العام للحالين وقيل قد انقلبت من أول الأمر ثعبانا وهو الأليق بالمقام كما يفصح عنه قوله عز وجل فإذا هي ثعبان مبين وإنما شبهت بالجان في الجلادة وسرعة الحركة لا في صغر الجثة وقوله تعالى تسعى إما صفة لحية أو خبر ثان عند من يجوز كونه جملة «قال» استئناف كما سبق «خذها ولا تخف» عن ابن عباس رضي الله عنهما انقلبت ثعبانا ذكرا يبتلع كل شيء من الصخر والشجر فلما رآه كذلك خاف ونفر وملكه ما يملك البشر عند مشاهدة الأهوال والمخاوف من الفزع والنفار وفي عطف النهي على الأمر إشعار بأن عدم النهي عنه
(١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (سورة طه) قوله تعالى: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى. 2
2 قوله تعالى: منها خلقناكم وفيها نعيدكم الآية. 22
3 قوله تعالى: وما أعجلك عن قومك يا موسى. 33
4 قوله تعالى: وعنت الوجوه للحي القيوم الآية. 43
5 (سورة الأنبياء - الجزء السابع عشر) قوله تعالى: اقترب للناس حسابهم الآية. 53
6 قوله تعالى: ومن يقل منهم أني إله الآية. 64
7 قوله تعالى: وقد آتينا إبراهيم رشده الآية. 72
8 قوله تعالى: وأيوب إذ نادى ربه الآية. 81
9 (سورة الحج) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الآية. 91
10 قوله تعالى: هذان خصمان اختصموا في ربهم الآية. 101
11 قوله تعالى: إن الله يدافع عن الذين آمنوا الآية. 108
12 قوله تعالى: ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به الآية. 116
13 (سورة المؤمنون - الجزء الثامن عشر) قوله تعالى: قد أفلح المؤمنون. 133
14 قوله تعالى: هيهات هيهات لما توعدون. 134
15 قوله تعالى: ولو رحمناهم الآية. 145
16 (سورة النور) قوله تعالى: سورة أنزلناها وفرضناها الآية. 155
17 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا الآية. 164
18 قوله تعالى: الله نور السماوات والأرض الآية. 175
19 قوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم الآية. 188
20 (سورة الفرقان) قوله تعالى: تبارك الذي نزل الفرقان الآية 200
21 [الجزء التاسع عشر] قوله تعالى: وقال الذين لا يرجون لقاءنا الآية 210
22 قوله تعالى: وهو الذي مرج البحرين الآية. 225
23 (سورة الشعراء) قوله تعالى: طسم تلك آيات الكتاب المبين. 233
24 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى الآية 244
25 قوله تعالى: قالوا أنؤمن لك الآية 254
26 أوفوا الكيل ولا تكونوا الآية 262
27 (سورة النمل) قوله تعالى: طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين. 271
28 قوله تعالى: قال سننظر أصدقت الآية. 282
29 [الجزء العشرون] قوله تعالى: فما كان جواب قومه الآية 292
30 قوله تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا الآية 300