تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٦ - الصفحة ٧
تعالى على النار أن أهل النار يستعلون المكان القريب منها أو لأنهم عند الاصطلاء يكتنفونها قياما وقعودا فيشرفون عليها ولما كان الإتيان بهما مترقبا غير محقق الوقوع صدر الجملة بكلمة الترجى وهي إما علة لفعل قد حذف ثقة بما يدل عليه من الأمر بالمكث والإخبار بإيناس النار وتفاديا عن التصريح بما يوحشهم وإما حال من فاعله أي فأذهب إليها لآتيكم أو كي آتيكم أو راجيا أن آتيكم منها بقبس الآية وقد مر تحقيق ذلك مفصلا في تفسير قوله تعالى يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون «فلما أتاها» أي النار التي آنسها قال ابن عباس رضي الله عنهما رأى شجرة خضراء أطافت بها من أسفلها إلى أعلاها نار بيضاء تتقد كأضوأ ما يكون فوقف متعجبا من شدة ضوئها وشدة خضرة الشجرة فلا النار تغير خضرتها ولا كثرة ماء الشجرة تغير ضوءها قالوا النار أربعة أصناف صنف يأكل ولا يشرب وهي نار الدنيا وصنف يشرب ولا يأكل وهي نار الشجر الأخضر وصنف يأكل ويشرب وهي نار جهنم وصنف لا يأكل ولا يشرب وهي نار موسى عليه الصلاة والسلام وقالوا أيضا هي أربعة أنواع نوع له نور وإحراق وهي نار الدنيا ونوع لا نور له ولا إحراق وهي نار الأشجار ونوع له نور بلا إحراق وهي نار موسى عليه الصلاة والسلام ونوع له إحراق بلا نور وهي نار جهنم روى أن الشجرة كانت عوسجة وقيل كانت سمرة «نودي يا موسى» أي نودي فقيل يا موسى «إني أنا ربك» أو عومل النداء معاملة القول لكونه ضربا منه وقرئ بالفتح أي بأني وتكرير الضمير لتأكيد الدلالة وتحقيق المعرفة وإماطة الشبهة روي أنه لما نودي يا موسى قال عليه الصلاة والسلام من المتكلم فقال الله عز وجل أنا ربك فوسوس إليه إبليس لعلك تسمع كلام شيطان فقال أنا عرفت أنه كلام الله تعالى بأني أسمعه من جميع الجهات بجميع الأعضاء قلت وذلك لأن سماع ما ليس من شأنه ذلك من الأعضاء ليس إلا من آثار قدرة الخلاق العليم تعالى وتقدس وقيل تلقى عليه الصلاة والسلام كلام رب العزة تلقيا روحانيا ثم تمثل ذلك الكلام لبدنه وانتقل إلى الحس المشترك فانتقش به من غير اختصاص بعضو وجهة «فاخلع نعليك» أمر عليه الصلاة والسلام بذلك لأن الحفوة أدخل في التواضع وحسن الأدب ولذلك كان السلف الصالحون يطوفون بالكعبة حافين وقيل ليباشر الوادي بقدميه تبركا به وقيل لما أن نعليه كانا من جلد حمار غير مدبوغ وقيل معناه فرغ قلبك من الأهل والمال والفاء لترتيب الأمر على ما قبلها فإن ربوبيته تعالى له عليه الصلاة والسلام من موجبات الأمر ودواعيه وقوله تعالى «إنك بالواد المقدس» تعليل لوجوب الخلع المأمور به وبيان لسبب ورود الأمر بذلك من شرف البقعة وقدسها روى أنه عليه الصلاة والسلام خلعهما وألقاهما وراء الوادي «طوى» بضم الطاء غير منون وقرئ منونا وقرئ بالكسر منونا وغير منون فمن نونه أوله بالمكان دون البقعة وقيل هو كثنى من الطي مصدر لنودي أو المقدس أي نودي نداءين أو قدس مرة
(٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (سورة طه) قوله تعالى: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى. 2
2 قوله تعالى: منها خلقناكم وفيها نعيدكم الآية. 22
3 قوله تعالى: وما أعجلك عن قومك يا موسى. 33
4 قوله تعالى: وعنت الوجوه للحي القيوم الآية. 43
5 (سورة الأنبياء - الجزء السابع عشر) قوله تعالى: اقترب للناس حسابهم الآية. 53
6 قوله تعالى: ومن يقل منهم أني إله الآية. 64
7 قوله تعالى: وقد آتينا إبراهيم رشده الآية. 72
8 قوله تعالى: وأيوب إذ نادى ربه الآية. 81
9 (سورة الحج) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الآية. 91
10 قوله تعالى: هذان خصمان اختصموا في ربهم الآية. 101
11 قوله تعالى: إن الله يدافع عن الذين آمنوا الآية. 108
12 قوله تعالى: ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به الآية. 116
13 (سورة المؤمنون - الجزء الثامن عشر) قوله تعالى: قد أفلح المؤمنون. 133
14 قوله تعالى: هيهات هيهات لما توعدون. 134
15 قوله تعالى: ولو رحمناهم الآية. 145
16 (سورة النور) قوله تعالى: سورة أنزلناها وفرضناها الآية. 155
17 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا الآية. 164
18 قوله تعالى: الله نور السماوات والأرض الآية. 175
19 قوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم الآية. 188
20 (سورة الفرقان) قوله تعالى: تبارك الذي نزل الفرقان الآية 200
21 [الجزء التاسع عشر] قوله تعالى: وقال الذين لا يرجون لقاءنا الآية 210
22 قوله تعالى: وهو الذي مرج البحرين الآية. 225
23 (سورة الشعراء) قوله تعالى: طسم تلك آيات الكتاب المبين. 233
24 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى الآية 244
25 قوله تعالى: قالوا أنؤمن لك الآية 254
26 أوفوا الكيل ولا تكونوا الآية 262
27 (سورة النمل) قوله تعالى: طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين. 271
28 قوله تعالى: قال سننظر أصدقت الآية. 282
29 [الجزء العشرون] قوله تعالى: فما كان جواب قومه الآية 292
30 قوله تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا الآية 300