والرحمانية والمالكية للكل والعلم الشامل مما يقتضيه اقتضاء بينا وقوله تعالى «له الأسماء الحسنى» بيان لكون ما ذكر من الخالقية والرحمانية والمالكية والعالمية أسماءه وصفاته من غير تعدد في ذاته تعالى فإنه روى أن المشركين حين سمعوا النبي صلى الله عليه وسلم يقول يا الله يا رحمن قالوا ينهانا أن نعبد إلهين وهو يدعو إلها آخر والحسنى تأنيث الأحسن بوصف به الواحدة المؤنثة والجمع من المذكر والمؤنث كمآرب أخرى وآياتنا الكبرى «وهل أتاك حديث موسى» استئناف مسوق لتقرير أمر التوحيد الذي إليه ينتهي مساق الحديث وبيان أنه أمر مستمر فيما بين الأنبياء كابرا عن كابر وقد خوطب به موسى عليه الصلاة والسلام حيث قيل له إني أنا الله لا إله إلا أنا وبه ختم عليه الصلاة والسلام مقاله حيث قال إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو وأما ما قيل من أن ذلك لترغيب النبي صلى الله عليه وسلم في الائتساء بموسى عليه الصلاة والسلام في تحمل أعباء النبوة والصبر على مقاساة الخطوب في تبليغ أحكام الرسالة فيأباه أن مساق النظم الكريم لصرفه عليه الصلاة والسلام عن اقتحام المشاق وقوله تعالى «إذ رأى نارا» ظرف للحديث وقيل لمضمر مؤخر أي حين رأى نارا كان كيت وكيت وقيل مفعول لمضمر مقدم أي اذكر وقت رؤيته نارا روى أنه عليه الصلاة والسلام استأذن شعبيا عليهما الصلاة والسلام في الخروج إلى أمه وأخيه فخرج بأهله وأخذ على غير الطريق مخافة من ملوك الشام فلما وافي وادي طوى وهو بالجانب الغربي من الطور ولد له ولد في ليلة مظلمة شاتية مثلجة وكانت ليلة الجمعة وقد ضل الطريق وتفرقت ماشيته ولا ماء عنده وقدح فصلد زنده فبينما هو في ذلك إذ رأى نارا على يسار الطريق من جانب الطور «فقال لأهله امكثوا» أي أقيموا مكانكم أمرهم عليه الصلاة والسلام بذلك لئلا يتبعوه فيما عزم عليه الصلاة والسلام من الذهاب إلى النار كما هو المعتاد لا لئلا ينتقلوا إلى موضع آخر فإنه مما لا يخطر بالبال والخطاب للمرأة والولد والخادم وقيل لها وحدها والجمع إما لظاهر لفظ الأهل أو للتفخيم كما في قول من قال [وإن شئت حرمت النساء سواكم] «إني آنست نارا» أي أبصرتها إبصارا بينا لا شبهة فيه وقيل الإيناس خاص بإبصار ما يؤنس به والجملة تعليل للأمر أو المأمور به «لعلي آتيكم منها» أي أجيئكم من النار «بقبس» أي بشعلة مقتبسة من معظم النار وهي المرادة بالجذوة في سورة القصص وبالشهاب القبس «أو أجد على النار هدى» هاديا يدلني على الطريق على أنه مصدر سمي به الفاعل مبالغة أو حذف منه المضاف أي ذا هداية أو على أنه إذا وجد الهادي فقد وجد الهدى وقيل هاديا يهديني إلى أبواب الدين فإن أفكار الأبرار مغمورة بالهمة الدينية في عامة أحوالهم لا يشغلهم عنها شاغل والأول هو الأظهر لأن مساق النظم الكريم لتسلية أهله وقد نص عليه في سورة القصص حيث قيل لعلي آتيكم منها بخير أو جذوة الآية وكلمة أو في الموضعين لمنع الخلو دون منع الجمع ومعنى الاستعلاء في قوله
(٦)