تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٥ - الصفحة ١٩
العقوبة التي ينبئ عنها قوله تعالى «أولئك» الخ أي أولئك الموصوفون بما ذكر من القبائح «لهم» بسبب ذلك «اللعنة» أي الإبعاد من رحمة الله تعالى «ولهم» مع ذلك «سوء الدار» أي سوء عاقبة الدنيا أو عذاب جهنم فإنها دارهم لأن ترتيب الحكم على الموصول مشعر بعلية الصلة له ولا يخفى أنه لا دخل له في ذلك على أكثر التفاسير فإن مجازاة السيئة بمثلها مأذون فيها ودفع الكلام السيء بالحسن وكذا الإعطاء عند المنع والعفو عند الظلم والوصل عند القطع ليس مما يورث تركه تبعة وأما ما اعتبر اندراجه تحت الصلة الثانية من الإخلال ببعض الحقوق المندوبة فلا ضير في ذلك لأن اعتباره من حيث إنه من مستتبعات الإخلال بالعزائم بالكفر ببعض الأنبياء وعقوق الوالدين وترك سائر الحقوق الواجبة وتكرير لهم للتأكيد والإيذان باختلافهما واستقلال كل منهما في الثبوت «الله يبسط الرزق» أي يوسعه «لمن يشاء» من عباده «ويقدر» أي يضيقه على من يشاء حسبما تقتضيه الحكمة من غير أن يكون لأحد مدخل في ذلك ولا شعور بحكمته فربما يبسطه للكافر إملاء واستدراجا وربما يضيقه على المؤمن زيادة لأجره فلا يغتر ببسط الكافر كما لا يقنط بقدره المؤمن «وفرحوا» أي أهل مكة فرح أشر وبطر لا فرح سرور بفضل الله تعالى «بالحياة الدنيا» وما بسط لهم فيها من نعيمها «وما الحياة الدنيا» وما يتبعها من النعيم «في الآخرة» أي في جنب نعيم الآخرة «إلا متاع» إلا شيء نزر يتمتع به كعجالة الراكب وزاد الراعي والمعنى أنهم رضوا بحظ الدنيا معرضين عن نعيم الآخرة والحال أن ما أشروا به في جنب ما أعرضوا عنه شيء قليل النفع سريع النفاد «ويقول الذين كفروا» أي أهل مكة وإيثار هذه الطريقة على الإضمار مع ظهور إرادتهم عقيب ذكر فرحهم بالحياة الدنيا لذمهم والتسجيل عليهم بالكفر فيما حكى عنهم من قولهم «لولا أنزل عليه آية من ربه» فإن ذلك في أقصى مراتب المكابرة والعناد كأن ما أنزل عليه السلام من الآيات العظام الباهرة ليس بآية حتى اقترحوا مالا تقتضيه الحكمة من الآيات المحسوسة التي لا يبقى لأحد بعد ذلك طاقة بعدم القبول ولذلك أمر في الجواب بقوله تعالى «قل إن الله يضل من يشاء» إضلاله مشيئته تابعة للحكمة الداعية إليها أي يخلق فيه الضلال لصرفه اختياره إلى تحصيله ويدعه منهمكا فيه لعلمه بأنه لا ينجع فيه اللطف ولا ينفعه الإرشاد كمن كان على صفتكم في المكابرة والعناد وشدة الشكيمة والغلو في الفساد فلا سبيل له إلى الاهتداء ولو جاءته كل آية «ويهدي إليه» أي إلى جنابه العلي الكبير هداية موصلة إليه لا دلالة مطلقة على ما يوصل إليه فإن ذلك غير مختص بالمهتدين وفيه من تشريفهم مالا يوصف «من أناب» أقبل
(١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الرعد 2
2 قوله تعالى: وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا أ إنا لفي خلق جديد. 6
3 قوله تعالى: أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب. 16
4 قوله تعالى: مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم و ظلها تلك عقبى الذين اتقوا. 25
5 سورة إبراهيم 30
6 قوله تعالى: قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض. 36
7 قوله تعالى: ألهم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار. 45
8 الجزء الرابع عشر (سورة الحجر) قوله تعالى: الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين. 63
9 قوله تعالى: نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم و أن عذابي هو العذاب الأليم. 80
10 (سورة النحل) قوله تعالى: أتى أمر الله فلا تستعجلوه. 94
11 قوله تعالى: وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة. 110
12 قوله تعالى: وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فارهبون. 119
13 قوله تعالى: ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ ومن رزقناه منا رزقا حسنا. 129
14 قوله تعالى: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى. 136
15 قوله تعالى: يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها و توفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون. 144
16 الجزء الخامس عشر (سورة الإسراء) قوله تعالى: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير. 154
17 قوله تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا. 166
18 قوله تعالى: وقل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم. 177
19 قوله تعالى: ولقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر والبحر و رزقناهم من الطيبات. 186
20 قوله تعالى: أولم يروا أن الله خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم. 197
21 (سورة الكهف) 202
22 قوله تعالى: وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين. 211
23 قوله تعالى: واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب و حففناهما بنخل. 221
24 قوله تعالى: ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم. 228
25 الجزء السادس عشر قوله تعالى: قال ألم أقل لك إنك تستطيع معي صبرا. 236
26 قوله تعالى: وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا. 247
27 (سورة مريم عليها السلام) 252
28 قوله تعالى: فحملته فانتبذت به مكانا قصيا. 261
29 قوله تعالى: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف تلقون غيا. 272