تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٥ - الصفحة ٣
أي خلقهن مرتفعات على طريقة قولهم سبحان من كبر الفيل وصغر البعوض لا أنه رفعها بعد أن لم تكن كذلك والجملة مبتدأ وخبر كقوله وهو الذي مد الأرض «بغير عمد» أي بغير دعائم جمع عماد كإهاب وأهب وهو ما يعمد به أي يسند يقال عمدت الحائط أي أدعمته وقرئ عمد على جمع عمود بمعنى عماد كرسل ورسول إيراد صيغة الجمع لجمع السماوات لا لأن المنفي عن كل واحدة منها عمد لا عماد «ترونها» استئناف استشهد به على ما ذكر من رفع السماوات بغير عمد وقيل صفة لعمد جيء بها إيهاما لأن لها عمدا غير مرئية هي قدرة الله تعالى «ثم استوى» أي استولى «على العرش» بالحفظ والتدبير أو استوى أمره وعن أصحابنا أن الاستواء على العرش صفة لله عز وجل بلا كيف وأياما كان فليس المراد به القصد إلى إيجاد العرش وخلقه فلا حاجة إلى جعل كلمة ثم للتراخي في الرتبة «وسخر الشمس والقمر» ذللهما وجعلهما طائعين لما أريد منهما من الحركات وغيرها «كل» من الشمس والقمر «يجري» حسبما أريد منها «لأجل مسمى» لمدة معينة فيها تتم دورته كالسنة للشمس والشهر للقمر فان كل منهما يجري كل يوم على مدار معين من المدارات اليومية أو لمدة ينتهي فيها حركاتهما ويخرج جميع ما أريد منهما من القوة إلى الفعل أو لغاية يتم عندها ذلك والجملة بيان لحكم تسخيرهما «يدبر» بما صنع من الرفع والاستواء والتسخير أي يقضي ويقدر حسبما تقتضيه الحكمة والمصلحة «الأمر» الخلق كله وأمر ملكوته وربوبيته «يفصل الآيات» الدلالة على كمال قدرته وبالغ حكمته أي يأتي بها مفصلة وهي ما ذكر من الأفعال العجيبة وما يتلوها من الأوضاع الفلكية الحادثة شيئا فشيئا المستتبعة للآثار الغريبة في السفليات على موجب التدبير والتقدير فالجملتان إما حالان من ضمير استوى وقوله وسخر الشمس والقمر من تتمة الاستواء وإما مفسرتان له أو الأولى حال منه والثانية من الضمير فيها أو كلاهما من ضمائر الأفعال المذكورة وقوله كل يجري لأجل مسمى من تتمة التسخير أو خبران عن قوله الله خبرا بعد خبر والموصول صفة للمبتدأ جيء به للدلالة على تحقيق الخبر وتعظيم شأنه كما في قول الفرزدق * إن الذي سمك السماء بنى لنا * بيتا دعائمه أعز وأطول * «لعلكم» عند معاينتكم لها وعثوركم على تفاصيلها «بلقاء ربكم» بملاقاته للجزاء «توقنون» فان من تدبرها حق التدبر أيقن أن من قدر على إبداع هذه الصنائع البديعة على كل شيء قدير وأن لهذه التدبيرات المتينة عواقب وغايات لا بد من وصولها وقد بينت على ألسنة الأنبياء عليهم السلام أن ذلك ابتلاء المكلفين ثم جزاؤهم حسب أعمالهم فإذن لا بد من الإيقان بالجزاء ولما قرر الشواهد العلوية أردفها بذكر الدلائل السفلية فقال (وهو الذي مد الأرض) أي بسطها طولا وعرضا قال الأصم المد هو البسط إلى ما لا يدرك منتهاه ففيه دلالة على بعد مداها وسعة أقطارها «وجعل فيها رواسي» أي جبالا ثوابت في أحيازها من الرسو وهو ثبات الأجسام الثقيلة ولم يذكر الموصوف لإغناء غلبة الوصف بها
(٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الرعد 2
2 قوله تعالى: وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا أ إنا لفي خلق جديد. 6
3 قوله تعالى: أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب. 16
4 قوله تعالى: مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم و ظلها تلك عقبى الذين اتقوا. 25
5 سورة إبراهيم 30
6 قوله تعالى: قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض. 36
7 قوله تعالى: ألهم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار. 45
8 الجزء الرابع عشر (سورة الحجر) قوله تعالى: الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين. 63
9 قوله تعالى: نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم و أن عذابي هو العذاب الأليم. 80
10 (سورة النحل) قوله تعالى: أتى أمر الله فلا تستعجلوه. 94
11 قوله تعالى: وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة. 110
12 قوله تعالى: وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فارهبون. 119
13 قوله تعالى: ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ ومن رزقناه منا رزقا حسنا. 129
14 قوله تعالى: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى. 136
15 قوله تعالى: يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها و توفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون. 144
16 الجزء الخامس عشر (سورة الإسراء) قوله تعالى: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير. 154
17 قوله تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا. 166
18 قوله تعالى: وقل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم. 177
19 قوله تعالى: ولقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر والبحر و رزقناهم من الطيبات. 186
20 قوله تعالى: أولم يروا أن الله خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم. 197
21 (سورة الكهف) 202
22 قوله تعالى: وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين. 211
23 قوله تعالى: واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب و حففناهما بنخل. 221
24 قوله تعالى: ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم. 228
25 الجزء السادس عشر قوله تعالى: قال ألم أقل لك إنك تستطيع معي صبرا. 236
26 قوله تعالى: وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا. 247
27 (سورة مريم عليها السلام) 252
28 قوله تعالى: فحملته فانتبذت به مكانا قصيا. 261
29 قوله تعالى: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف تلقون غيا. 272